ليس
كل ما يخطر في ذهنك تقوله,لأن كلامك بين الناس إما أن يحسب لك أو يحسب
عليك , فجعل للكلمة قيدا بيدك تتحكم به, فتخرج القول المناسب للمقام
المناسب فلكل مقام مقال , ولا تفلته مهما كانت الظروف فرب كلمة قتلت
صاحبها ورب كلمة خلدت اسم قائلها .
فكلامك في مجالس الرجال له قيود ومواصفات عليك الإلتزام بها لي يسلم ظهرك من طعن خناجر المجتمع .
ولكل مقال بيئته المناسبة لها , وهذه البيئه هي الفيصل في ذلك الكلام الدارج فيها .
فلو نظرنا إلى الكلام الدارج في مجالس العلم وحلق الذكر لوجدناه مختلفا عن
الكلام الذي يكون في المجالس الأخرى ، فأن دل على شيئ دل على أن لكل مجلس
ظوابط ومسلمات يجب مراعاتها لكي لا أشذ وأخرج عن نطاق ذلك الكلام .
فلا تفوته,الكلمة هي تلك الطلقة النارية التي يصوبها الرامي , والمتلقي إما أن يكون ذو حذق
وفهم ويكون أشبه بتلك الصخره الصماء التي تسمح لها بالعبور فلا يدع فائدة تلك الكلمه تفوته ,
وإما أن يكون ممن يتأثرون ببطء وروح الإنفعالية عنده كسوله شيئ ما فهو أشبة بقطعة الخشب
التي تخترقها تلك الرصاصة لكن يبقى متماسكا شيئ قليلا فيعرف نصف المغزا ولكن بعد فقدانه
شيئ من أجزائه , وإما أن يكون بليدا لا يفهم شيئ فهو أشبة بقطعة زجاج اخترقتها تلك
الرصاصة وكسرتها فهو لم يفهم شيئ بل لم يدري لماذا وكيف صوبت تلك الطلقة .
فاعلم أخي الكريم أن الكلمة هي ملك لك حتى تخرج من فيك فإذا خرجت أصبحت ملك للناس قد
تجعلك مؤسورا مكتوف اليدين لا حيلة لك , ولعل قصة المتنبي مالء الدنيا وشاغل الناس خير
مثال على ما أقول حينما أراد أن يهرب وينجو بحياته قال له غلامه اتهرب وأنت القائل
الخيل والليل والبيداء تعرفني **** والسيف والرمح والقرطاس والقلم فصمد حتى قتل.
فرب كلمة جعلة لأصحابها شأن عظيم ورب كلمة قالت لصاحبها دعني .
والكلمة الطيبة صدقه , الكلمة الطيبة إن دلت على شيئ دلت على روح صاحبها فكل إنائ بما
فيه ينضح , الكلمة الطيبة هي ذاك العربون الذي تكسب به قلوب الناس , الكلمة الطيبة شجرة
أصلها ثابت وفرعها فوق السماء .
وأخيرا :
إعلم أن كلامك بين الناس محسوب , وفي اللوح مكتوب , فإذا قلت فأَحسِن وإلا فالصمت أحسَن .