فقد كنتُ قبل قراءتي لهذه الآية أحزن بسبب حدوث خسارة أو مصيبة ما أو أجد
شيئاً من الخوف من المستقبل، لأنني أتوقع أمراً سيئاً قد يحدث، أو أمر
بلحظات من القلق نتيجة انتظاري لشيء ما أرغب في تحقيقه... وهكذا مجموعة من
المظاهر التي تجعل شخصيتي قلقة أحياناً.
وبعد أن تأملت هذه الآية وتدبرتها جيداً بل طويلاً، وجدتُ بأن الله تعالى
قد قدَّر كل شيء، ولن يحدث شيء إلا بأمره، ولن يختار لي إلا الخير لأنه
يعلم المستقبل، أما أنا فلا أعلم. وهكذا أصبحتُ أنظر لكل شيء نظرة متفائلة
بدلاً من التشاؤم... أصبحتُ أفرح بكل ما يحدث معي حتى ولو كان محزناً في
الظاهر، وأصبحتُ أتوقع حدوث الخير دائماً ولو أن الحسابات تخالف ذلك.
فالله تعالى كتب عليَّ كل ما سيحدث معي منذ أن كان عمري 42 يوماً، فلماذا
أحزن؟ ومادام الله موجوداً وقريباً ويرى ويسمع ويتحكم في هذا الكون فلم
الخوف أو القلق أو الاكتئاب؟؟! وبما أن الله قد قدَّر عليَّ هذا الأمر
واختاره لي فلا بدّ أن يكون فيه الخير والنفع والسعادة...
وهكذا تغيرت شخصيتي تغيراً جذرياً، وانقلبت إلى شخصية متفائلة وسعيدة
وتخلصت من مشاكل كثيرة كان من المحتمل أن تحدث لولا أن منَّ الله عليَّ
بتدبر هذه الآية وفهمها وتطبيقها في حياتي العملية.
وخلاصة القول: إن التمسك بالقرآن والمحافظة على تلاوته يؤثر إيجابياً على
شخصية الإنسان، ويرفع النظام المناعي لديه، ويقيه من الأمراض النفسية،
ويساعده على النجاح واتخاذ القرارات الصائبة، إن القرآن هو طريقك للإبداع
والقيادة والسعادة والنجاح!
ما هي أفضل طريقة لحفظ القرآن؟
هنالك طرق حديثة في حفظ القرآن الكريم، ومن خلال تجربتي الخاصة في حفظ
القرآن العظيم فقد وجدتُ بأن الطريقة الأفضل هي أن تضع القرآن في أولى
اهتماماتك، وهو كتاب يستحق أن يوضع في المقام الأول لأنه منزَّل من رب
العالمين سبحانه وتعالى.
وبالتالي سيكون هنالك هدف واحد هو الإصرار على حفظ القرآن، وبدون هذا
الهدف لن تحفظ شيئاً! فعندما بدأتُ بحفظ القرآن منذ خمسة عشر عاماً، كنتُ
أجد صعوبة بالغة في استحضار الآيات التي قرأتها على الرغم من تكرارها
مراراً.
ولكنني عندما علمتُ بأن أفضل عمل يمكن للإنسان أن يقوم به هو أن يمتلئ
قلبه بنور القرآن، أدركتُ عندها أن حفظ القرآن ليس أمراً مستحيلاً خصوصاً
أن الأطفال يحفظونه فكيف بالكبار؟ فكنتُ أحياناً أترك كل أعمالي وأجلس مع
كتاب الله تعالى متأملاً لآياته ومتدبراً لمعانيه ومعجزاته.
فكان تأمل هذه الآيات هو الطريق الأسهل نحو حفظها وعدم نسيانها، وكان لديّ
قناعة بأن أجمل لحظة على الإطلاق هي أن يكون القرآن إلى جانبك في كل ظروفك
الصعبة. ففي أي مناسبة تجد آية تذكرك بالله تعالى، وهذا يزيد من قدرة
الإنسان على الحفظ لأن القرآن كتاب يناسب جميع الظروف.
وقد مارستُ حفظ القرآن عدة سنوات، وخرجتُ بنتيجة مهمة وهي: إذا لم
تضع القرآن في أولويات أعمالك فلن تحفظه أبداً. وهذا هو السبب الرئيسي في
أنك تحاول حفظ القرآن ثم تجد نفسك قد نسيت ما حفظته بالأمس.
ولذلك يا أخي الكريم إذا اتبعتَ أسلوباً في حفظ القرآن تتوجه فيه إلى الله
بقلب نقي ونية صافية وتسأل الله من كل قلبك أن يعينك على حفظ القرآن،
عندها سيكون أسهل وأمتع عمل تقوم به هو عندما تجلس مع هذا الكتاب العظيم
وتبدأ بتلاوته وتكرار آياته وحفظها في صدرك.