السلام عليكم ورحمة الله و ربركاته أخى الزائر أرجو أن تعجبك مواضيع منتدانا ياريت تشاركنا مواضيعك من خلال تسجيلك في منتدنا ....وشكرا لكم ...
السلام عليكم ورحمة الله و ربركاته أخى الزائر أرجو أن تعجبك مواضيع منتدانا ياريت تشاركنا مواضيعك من خلال تسجيلك في منتدنا ....وشكرا لكم ...
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا بزائرنا العزيز و الغالي في منتديات العلم نور
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شرح صحيح البخاري - للشيخ عبيد الجابري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 01/01/1970

شرح صحيح البخاري - للشيخ عبيد الجابري Empty
مُساهمةموضوع: شرح صحيح البخاري - للشيخ عبيد الجابري   شرح صحيح البخاري - للشيخ عبيد الجابري Emptyالخميس يونيو 28, 2012 9:49 pm




[size=25]
[center]شرح صحيح البخاري



الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة الجعفي البخاري - رحمه الله -


بشرح فضيلة الشيخ الدكتور عبيد بن عبد الله الجابري



الدرس الأول









بسم الله الرحمن الرحيم

يَسرُ موقع ميراث الأنبياء أن يقدم لكم تسجيلًا لشرح صحيح الإمام البخاري
يشرحهُ فضيلة الشيخ الدكتور عبيد بن عبد الله الجابري- حفظه الله تعالى-
نسأل الله سبحانه و تعالى أن ينفع به الجميع.


الدرس الأول

الحمد لله العظيم رب العالمين اللهم صلّ وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد؛

قال الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة الجعفي مولاهم البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه:

المتن:

باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ كِتَاب بدْءِ الْوحْيِ بَاب بَدْءُ الْوَحْيِ قَالَ الشَّيْخُ
الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى آمِينَ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ ﴿
إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ
وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ
وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ
زَبُورًا﴾ [النساء:163].
1 حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
الْأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ
يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى
الْمِنْبَرِ ﴿قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ
امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا
أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ
إِلَيْهِ﴾.






الشرح:

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ؛ فإن هذا الكتاب وهو صحيح البخاري هو أصح
كتاب بعد كتاب الله كما قررهُ علماء مُحققون من أهل السنة واسمهُ الجامع
الصحيح المسند وهذا الكتاب باستقرائه ظهر أن البخاري رحمه الله له في جميع
كتبه وأبوابه مغزى ومقصد يُدركُه الحُذاق من أهل العلم كما أن لكل ترجمة من
تراجمه الفقه العظيم ولهذا فإن أهل العلم يستنبطون الفقه من تراجم
البُخاري وإن كانت بعض تراجمه يَحارُ فيها بعض أهل العلم لكن عند التأمل
يظهر مُراد أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله من الحديث الذي
ساقه في الترجمة وإن لم يكن صريحًا فإنه بالإشارة وقد تكون الإشارة ذات
مغزى بعيد وهذا كما سنُبيّنهُ لكم إن شاء الله تعالى من خلال دروسنا
المُتتابعة في هذا الكتاب العظيم النفيس الماتع المبارك.

بدأ الشيخ رحمه الله هذا الجامع الصحيح بكتاب الوحي لكنه لم يقُل كتاب
الوحي بل قال:" باب كيف بدأ الوحي" و لعله استغنى بهذه الترجمة عن ذكر
الكتاب لأنه عند التأمل يظهر أن كل حديث ذو ترجمة مُعينة مقصودة عند الإمام
البخاري رحمه الله وهاهنا أمران أو ثلاثة:

الأمر الأول:

السر في بدء هذا الكتاب الجامع الصحيح بهذه الترجمة
(الوحي) والذي يظهر أن البخاري رحمه الله قصد بها التنبيه إلى أنه لا
مُعَوَلْ ولا مُعْتَمدْ في تقرير القربات وأمر الناس بها إلا بالوحي وهذا
الوحي الذي أوحاه الله سبحانه وتعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم هو
القرآن والسنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم من غير وجه ((أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ ،... )) وفي التنزيل الكريم: ﴿ومَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)﴾ [النجم:3،4]. وفيه ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ...﴾
[الحشر:7]. والمُوحى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و الذي أخبر الله
عن نبيه صلى الله عليه و سلم أنه لا ينطق إلا به يعنى لا يأمُر و لا ينهى
إلا به و لا يُخبر عن الله إلا به هو قرآن يُتلى أو سنة صحيحة عن النبي صلى
الله عليه و سلم وكذلك الشأن في قوله ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر:7] فإن الذي يأتي به ويتضمن أمر الله ونهيهُ أو خبره هو لا يخرج عن هذين.

الأمر الثاني:

في بدء المصنف رحمه الله كتابه عامة وهذا الباب خاصة بحديث عمر رضي الله عنه فإن البدء بهذا الحديث يتضمن عدة أمور:

الأمر الأول:

التنبيه إلى الإخلاص في جميع ما يتقرب به العبد إلى ربه جلّ وعلا فكما أنه
نبه تنبيهً عامًا إلى وجوب امتثال القرآن و السنة و أنهما طريق الأمر
والنهي عن الله عز و جل نبه تنبيهً خاصًا إلى شرطًا آخر من شرطيْ العمل
التعبدي وهو الإخلاص ((إنما الأعمال بالنيات))
و الأعمال جمع عمل و هو يشملُ الأقوال و الأعمال التي يتقرب بها العباد
إلى الله سبحانه وتعالى فيتحصل من البدأين أن العمل الصالح له شرطان وهما:

- تجريد الإخلاص لله وحده.

- وتجريد المُتابعة لرسول الله صلى الله عليه و سلم.

فإن أي عمل لا يجمع هذين الأمرين فإنه مردود لا ينال عند الله عز و جل
القبول، ومن هنا قال أهل العلم إن الأعمال من حيث اجتماع هذين الشرطين وعدم
ذلك أقسامٌ أربعة:

- أحدها ما جمع الإخلاص لله والمُوافقة للسنة.

- وثانيها ما كان خالصًا غير مُوافق للسنة.

- وثالثها ما كان مُوافق للسنة غير خالص لله.

- ورابعها و أظنكم أدركتموه ما هو؟ بالاستقرار بالاستنباط ما هو؟ ما خلا منهما.

و أدركتم أن الذي ينال عند الله عز وجل القبول أحد هذه الثلاثة الباقية فما
هو؟ الأول وهو ما كان خالصًا لله مُوافقًا للسنة، وعلى هذا اجتمعت كلمة
الأئمة بدءًا من الصحابة رضي الله عنهم إلى اليوم ومن ذلكم أن الفُضيل بن
عياض رحمه الله سُئل عن قوله تعالى: ﴿.. لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا..﴾
قال:" أخلصهُ و أصوبه" قالوا:" يا أبا علي ما أخلصه و ما أصوبه؟" قال:"
أن يكون خالصًا لله صوابًا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وهاهنا سؤال ما الفرق بين النية والإخلاص؟ أقول هذا يتضح من المعنى الشرعي لكن قبله نذكر المعنى اللغوي:

فالنية في اللغة: القصد، يُقال نوى الشيء ينويه إذا قصده.

وشرعًا: عزم القلب على فعل الشيء أو تركه تقربًا إلى الله، فالشطر الأول
(فعل الشيء) هذا في الأوامر والشطر الثاني (تركهُ) هذا في النواهي وهذا
المعنى هو الفرقان بين المؤمن والمُنافق فالمؤمن هو الذي يتحصلُ عنده هذا
المعنى الشرعي لأنه لا يفعلُ و لا يدعُ إلا تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى
بخلاف المُنافق فإنه ينوي كما تنوي أنت أيها المؤمن لكنه خالٍ من التقرب
إلى الله لأنه لا يعتقدها ولهذا أزيد إيضاحًا فأقول المُنافق ينوي الصلاة
والمؤمن ينويها فما الفرق بينهما؟ المنافق ليس عندهُ إلا الأمر الظاهر فقط
يعنى يُصلى رياءً و خوفًا على سمعته، شهرة أما المؤمن فإنه يصلى تقربًا إلى
الله عز و جل يحتسب هذه الصلاة عند الله سبحانه و تعالى و هكذا في جميع
القُربْ. هنا أمر آخر وهو إذاً ما الذي عند المُنافق من النية؟ هو المعنى
العرفي وهو العزم على فعل الشيء، يعزم على فعل الشيء لكن ليس عنده تقرب
وبهذا يتحصل عندنا أن النية لها معنيان أو لها ثلاث معانٍ: لغوي و شرعي
وعرفي، فالعرفي ما هو؟ العزم على فعل الشيء فقط و هذا قدر مشترك بين من؟
بين المؤمن و المُنافق.

الأمر الثاني: في بدء المُصنف رحمه الله تعالى كتابه الصحيح عامة والوحي
خاصة هو التنبيه إلى قبول خبر الواحد وبسط هذه المسألة في علم المصطلح
ولهذا كان أهل العلم من المُحققين من أهل السنة وغيرهم يردون على أبي علي
الجُبّائي الذي زعم أن البخاري شرط في صحيحه أن يكون الحديث عزيز فاستدلوا
بالرد عليه بهذا الحديث وبحديث أبي هريرة في خاتمة الصحيح ((كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ،
...)) الحديث، وقد جرت عادة المُصنفين من أئمة الحديث أن يُصدروا كتبهم
بهذا الحديث للتبرك به من ناحية وللحظ فيه على الإخلاص من ناحية أخرى.
وقلت: "المصنفين" هذا يعنى التعميم نسبي وليس حقيقي لأن كثير من المُصنفين
لم يبدأ كتبهم بهذا الحديث لكن الكثير منهم بدؤوا مصنفاتهم بهذا الحديث.

هذه الرواية، رواية شيخ البخاري الحُميني قاصرة في التفصيل وأوضح منها
رواية شيخه عبد الله بن مسلمة في كتاب "الإيمان" كما سيأتي إن شاء الله
تعالى فيها ((وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى
فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى
اللَّهِ وَرَسُولِهِ ومَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا
أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يتزوجها فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ
)) فقوله صلى الله عليه وسلم ((إنما الأعمال بالنيات))
أو هذه الرواية التي عندنا إلى آخر الحديث هذا تفصيل بعد إجمال والتفصيل
بعد الإجمال من طُرق التشويق التي تُهيئ السمع والنفس إلى ما يُلقى وهذا
أمر تعودناه في كتاب ربنا كما تعودناه في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم،
فمن القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)﴾ [القارعة]. فإلى هنا إجمال فما بعد ذلك من تفصيل ﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ
[القارعة: 4] إلى آخر السورة ، وفي السنة المُستفيضة منها قولهُ صلى الله
عليه وسلم في حديث زيد بن خالد الجُهني رضي الله عنه وهو حديث الصحيح ،
((قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"
أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ البارحة قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَعْلَمُ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ
)) الحديث، والحديث فيه عدة فوائد:

إحداها: وجوب قبول خبر الواحد في أحكام الله سبحانه وتعالى كما تقدم.

الثاني: أن النية شرطٌ في العمل فلا يصح العمل إلا بنية. نعم

سؤال من الحضور:

أحسن الله إليك تعريف الإخلاص ماهو؟ الإخلاص هو النية الصادقة هذا معناه المُختصر، هذا الإخلاص. بارك الله فيكم.

المتن:

قال - رحمه الله - تعالى بابٌ

2 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ﴿سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا يَأْتِينِي
مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي
وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ
رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي
الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ
لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا﴾.

الشرح:

هذا هو الحديث الثاني في الكتاب
وقد ترجم عليه البخاري ترجمة مُطلقة ليست مُضافة "بابٌ" والظاهر أنه يُشير
إلى شيء وهو السؤال عما يُشكل وهذا يُنبه إليه سياق الحديث فإن الحارث بن
هشام رضي الله تعالى عنه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أمرٍ لم يعرفهُ
فهو يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوحى إليه وأنه لا يأتي من عند
الله إلا بالوحي فسأل عن كيفية ذلك وهذه مشكلة أو غير معلومة عندهُ فأخبره
النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفيتين من كيفيات الوحي:


الكيفية الأولى: صوت يُشبه
صلصة الجرس، و الجرس معروف حديدة لها صوت مُذهب تُعلق على الدواب وهذا هو
الأشدْ كما صرح هنا في الحديث، هو أشد الكيفيات ولعل الله عز وجل أشار إلى
ذلك بقوله:
﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا[المزمل:٥]. وهذا يدلُ له قول عائشة رضي الله عنها ((وإنه ليتفصد جبينه عرق)) وقوله ((أشده علي)) كذلك
وهنا سؤال كيف يُشبّهُ المحمود بالمذموم؟ فالمحمود صوت الوحي الذي يسمعهُ
النبي صلى الله عليه و سلم من الملك صلى الله عليه وسلم ، هذا محمود بلا
نزاع والمذموم صوت الجرس، فكيف يُشبه هذا بهذا؟ فهو تشبيه الكامل بالناقص
والجواب أن التشبيه لا يلزم منه المُشابهة من كل وجه، لا يلزم منه فإذًا
على هذا أراد صلى الله عليه و سلم أن يُقرب للفاهم هكذا قال، فصوت الجرس
مذموم لأنه طرب والجرس منهيٌ عنه.


الكيفية الثانية: أن الملك
يُكلم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يتمثل له رجل فيعي عنه والمقصود أن
النبي صلى الله عليه وسلم بيّن كيفيات إيحاء الملك إليه صلى الله عليه
وسلم.


هناك كيفية ثالثة: وهي النفخ في الروع وهذه قد جاءت في أحاديث.

فتُصبح الكيفيات التي يُوحى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث، بقيت كيفيتان من الوحي الشرعي:

إحداهما: الإلهام:

وهذا فُسر به قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ [النحل :68]. قالوا هذا إلهام وألحقوا به قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا
إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ
فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا
رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
﴾ [القصص:٧]. وهذا
عندي فيه نظر لا يمنع أن يكون أوحى الله إليها عن طريق نبي من أنبياء بني
إسرائيل في ذلك الوقت أو أن الله سبحانه وتعالى بعث إليها الملك فكلمها وهي
لا تراه ولكن ثبتها الله كما كلم الملك صلى الله عليه وسلم مريم أم عيسى
عليهما الصلاة والسلام وهذا شرعي.


الثاني: وحي الله إلى الملائكة:

وهذا جاء في غير من آية من كتاب الله منها: ﴿إِذْ
يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا
الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ
فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ
[الأنفال:12].
فهو يُكلم الملائكة عليهم الصلاة و السلام والكيفية غائبة عنا هل يُكلمهم
بواسطة جبريل لأنه أفضلهم ورئيسهم كما يظهر لنا من آية تنزيل الكريم أو
يكلمهم ويسمعه الجميع، الله أعلم يُحتمل هذا وهذا ولا نجزم بشيء من ذلك
لأنه غائبٌ عنا.


وهناك كيفية من كيفيات الوحي تندرج تحت المعنى اللغوي ومنها الوساوس ونفس السوء كما قال تعالى ﴿وَكَذَٰلِكَ
جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ
يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ
رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾
[الأنعام:112].
فشياطين الإنس وحيهم مُشافهة أو مُكاتبة يُلق السوء مباشرة ووحي الشيطان
الجني إلى الإنس هذا عن طريق الوساوس ولا يمنع أن يتمثل الجني لصاحبه من
الإنس فيُكلمهُ فيتلقى عنه كما يكون من مُسترق السمع إلى الكهنة لا ينتبع
هذا. فيتحصل لدينا من هذا السياق كله معنى الوحي لغةً و شرعًا:


فالوحي لغةً: هو إعلام بسرعة وخفاء ومنه كَلّمْتُهُ إذا أعلمته بما يخفى على غيره.

و شرعًا:
هو كلام الله سبحانه و تعالى إلى من يَصْطفيه من الملائكة و
الرسل من الإنس بما يخفى على غيره و لا يُبَيّنهُ إلا هو، فما يُوحيه الله
– على سبيل مثال- إلى محمد صلى الله عليه و سلم يخفى على الناس و لا يظهر
إلا ببيان منه صلى الله عليه و سلم أو بيان من القرآن نفسه.نعم

سؤال من الحضور:

أحسن الله إليك الكيفيات المذكورة في سورة الشورى؟

نعم أحسنت هذه ثلاث كيفيات في سورة الشورى: ﴿وَمَا
كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ
حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ
عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾
[الشورى:51]. يعنى لا يكلم الله عز من عباده من البشر إلا بأمر ونهي وهو من يصطفيهم وبهذا يُعترض على من قال:"أمرني ربي ونهاني في المنام" نقول يا هذا لو أنك سألت هذا الذي عرض لك في الرؤية فقلت "أالله إنك أنت الله لا إله إلا أنت لانخلص"
فإن الشيطان يعترض للإنسان في اليقظة وفي المنام فيقول أنا ربك أنا ربك
لكن لا يستطيع أن يقول أنا الله فهذا أخشى أنه من الهوس وما علمنا أنه حصل
لبشرٍ أبدًا حتى الساعة ما علمنا هذا فأخشى أن هذا عرض له شيطان، الشيطان
لا يتمثل بالله أبدًا، عدو الله لا يستطيع ، لا يستطيع أن يتمثل بالله عز و
جل لكن الشيطان يظهر مثلا فيُكلم الإنسان فيقول: "أنا ربك" كما ظهر لبعضهم نور باهر بين السماء و الأرض فقال:" أنا ربك" فقال له:" ألله إنك أنت الله لا إله إلا أنت؟" فانخلص تبدد صار ظلمة لا يستطيع يقول أنا الله عدو الله، لا يستطيع لكن يقول: "أنا ربك لي نعمة عليك" أو كذا، المعنى اللغوي لكن المعنى الشرعي لا. نعم هذه الكيفية الأولى، الثانية ﴿..أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ..﴾ [الشورى: 51].كما كلم محمد صلى الله عليه وسلم وقبله كلم آدم وقبله كلم موسى على الجميع الصلاة والسلام. ﴿... أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا ...
﴾ [الشورى: 51]. هذا هو كل ما أوحاه سبحانه و تعالى إلى محمد صلى الله
عليه و سلم هو بواسطة جبريل ما عدا تكليمهُ إياهُ ليلة المعراج فإنه كلّمهُ
بلا واسطة ، هذا هو التحقيق في هذه المسألة. فالأولى هذه تندرج تحت
الشرعي، تحت المعاني الشرعية، (نعم).

المتن:

قال - رحمه الله تعالى -

3 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ
عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ
عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ (( أَوَّلُ مَا بُدِئَ
بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ
الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا
جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ
وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ
اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ
وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ
لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ
الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي
فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ
اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ
حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ
فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ
أَرْسَلَنِي فَقَالَ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ
الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾ فَرَجَعَ بِهَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ
فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ
الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ
عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ
أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ
الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ
فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ
بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً
قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ
الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا
شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ
فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ
فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ
وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا
لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ
قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا
جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ
نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ
الْوَحْيُ.[3212، 4670، 4672 - 4674، 6581].


الشرح:

أقول هذه الترجمة تُبنه إلى مقصد من مقاصد البخاري وهو كيف بدأ الوحي إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم وهذا يُشير إليه حديث عائشة رضي الله عنها
فإنها صرحت بأن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما بُدِأ به الرؤيا الصالحة
أو الصادقة، فلا يرى رؤيا إلا كانت مثل فلق الصبح كما أخبر عنها ومن هنا
قال أهل العلم رؤي الأنبياء حق فليست رُؤاهم عليهم الصلاة والسلام كرُؤى
سائر البشر فإن رُؤى سائر البشر يكون فيها الصالح والفاسد ويكون فيها ما
يُشبه الهذيان والوساوس أما الأنبياء فمعصومون ولهذا فإن رُؤاهم حق من
الخبر الصحيح الصدق عن الله عز و جل. هذا الحديث يُفيد فوائد عدة:

الفائدة الأولى:

منها عظيم لُطف الله بنبيه صلى الله عليه وسلم وعظيم رحمته به حيث اختار
له أن حبب الخلوة إلية و ذاك المكان، غار حراء، لكن هنا سؤال نحن علمنا أنه
كان يتعبد لله فيه ولكن كيف يتعبد؟ الظاهر أنه الدعاء يدعو ويذكر الله عز
وجل بما ألهمه من ذكر وشكر لكن هل صنع ذلك صلى الله عليه وسلم بعد ما أوحي
إليه؟ أو صنعهُ أصحابه وعلى رأسهم الأربعة رضي الله عنهم ثم سائر العشرة ثم
سائر الصحابة ثم الأئمة من بعدهم؟ الجواب لا ولهذا يُعلم أنه ليس في
تخصيصه بالعبادة المعروفة عندنا نص، لا قول ولا فعل ولا تقرير ليس فيه سنة
عن النبي صلى الله عليه و سلم و بهذا يُعلم ضلال من يدعُ إلى تعهُدها لتعظم
هذا المكان، لتعظيمه قالوا:" و من تعظيمها أن يقرأ فيه درس من السيرة" فإن
هذا يُفضي إلى الغلو ولربما عُبد ذاك المكان من دون الله عز و جل كما حصل
قبيل نوح صلى الله عليه وسلم فإن قومه غلوْ في ودّاً و سواع ويغوث ويعوق
ونسراً أوحى الشيطان إليهم أن صوروا صور هؤلاء وأنصبوها في قبلتكم حتى
تتأسوا بعبادتهم وهذا إن شاء الله يأتين إن طالت بنا وبكم الحياة في تفسير
سورة نوح، من كتاب التفسير من هذا ....

الفائدة الثانية:

أول ما نزل من القرآن، هذا صريح، صريح في الحديث و فضل هذه السورة
ويُستفاد منها الحضُ على العلم والعلم إذا أطلق فهو العلم الشرعي وليس كل
علم، إذا أطلق عند أهل الإسلام فهو العلم الشرعي كما سيأتي بسطُ ذلك في
كتاب العلم إن شاء الله تعالى.

الفائدة الثالثة:

وهي من لطف الله سبحانه وتعالى أنه أرسل إليه عبده ورسوله الملك جبريل صلى
الله عليه وسلم في صورة رجل، تمثل له في صورة رجل ولكنه عاملهُ بقوة ليست
كقوة البشر، هنا سؤال لماذا كان يقول له اقرأ؟ ولماذا كان يغُطه يعنى يضمهُ
إليه ثم يطلقه؟ قال أهل العلم "هذا إرهاص للنبوة" استعداد يعنى يُهيئه
بأمر الله و يُعِده لذلك وأنه سيُلقي إليه حملٌ لا يتحمله غيره من هذه
الأمة و ليس غيرهُ أهلًا له وهي النبوة و الرسالة عليه الصلاة والسلام نسأل
الله أن يحشرنا وإياكم في زمرته غير خزايا ولا مفتونين

الفائدة الرابعة:

وفاء خديجة رضي الله عنها فإن فضائلها جمة ووفاءها لزوجها يظهر في عدة أمور تضمنها هذا الحديث:

الأول: أنها هونت عليه ما كان يجده من الخوف الذي قال لها (زملوني زملوني)
زملوني في ثيابي، جاءهم وهو يرتجف فهونت عليه الأمر بكلمات رقيقة لطيفة
وهذا فيه أسوة لكل مؤمنة أن تتأسى بأمها رضي الله عنها فإذا وجدت من زوجها
ما يسوءه و يكرُبه و يُحزنه أن تهون عليه بذكر أمور يرتاح لها كما صنعت
خديجة رضي الله تعالى عنها دخلت " كلا لا يخزيك الله" وعددت محاسنه وخصال
كريمة كان يتصف بها صلى الله عليه وسلم قبل النبوة ولا يتصف بها إلا كُمل
الكرم من الرجال.

ثانيا: أنها ذهبت به إلى رجل هو أعْلمُ قومها وهو
ابن عمها ورقة بن نوفل رحمه الله، أنا قلت رحمه الله لأني أرجو من خلال
هذه القصة أنه مات على خير فلم نعلم أنه كان يعبد صنمًا ولم نعلم أنه كان
يشرب خمر، نعم هذا من وفائها. ثم ما اكتفت بالذهاب به قالت:" يا ابن عم" و في رواية "يا عم" لأن الكبير يُقال له عم سواءً كان قريبًا أو بعيدًا وهذا من الخطاب اللطيف الحسن الجميل "اسمع من ابن أخيك" و من فوائده أن ورقة بن نوفل رحمه الله عنده علم هذا العلم استفاد منه أنه صلى الله عليه و سلم سيُنبأ قال:"هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى"
فموسى صلى الله عليه و سلم ذُكر هنا لأن غالب أنبياء بني إسرائيل جاؤوا
مُقررين لشريعته وحتى الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى صلى الله عليه وسلم
فيه إن لم يكن غالبهُ من شريعة موسى صلى الله عليه وسلم بزيادة على ذلك
ولهذا أخبر ما سيحصل للنبي صلى الله عليه وسلم ووعدهُ بنصرته. نعم وهذا
الحديث فيه فوائد أخرى ومعاني أخرى محلها كتاب التفسير، نعم.

المتن:

4 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ
وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ بَيْنَا
أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي
فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ
بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَرُعِبْتُ مِنْهُ فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ
زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ﴾إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾
فَحَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ
وَأَبُو صَالِحٍ وَتَابَعَهُ هِلَالُ بْنُ رَدَّادٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ
وَقَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ بَوَادِرُهُ.[3066، 4638 - 4642، 4671، 5860].


سؤال من الحضور:

قوله "وفتر الوحي"؟ يعنى انقطع بعد هذا انقطع، تشويق له صلى الله عليه وسلم هذا فيما يظهر والله أعلم ، نعم.



الشرح:

هذا الحديث يُفيد فوائد عدة منها:

الفائدة الأولى:

من بديع حكمته سبحانه و تعالى أن جعل الوحي يفتر على النبي صلى الله عليه
وسلم ولعل هذا من التشويق أو من التخفيف عليه صلى الله عليه وسلم والله
أعلم.

الفائدة الثانية:

ثانيًا أن الله سبحانه وتعالى أرى نبيه محمد صلى
الله عليه وسلم جبريل صلى الله عليه وسلم في صورته التي خلقه الله عليها
كما جاء في بعض الروايات وأظن في كتاب التفسير أنه رآه له ستمائة جناح كل
جناح يسد الأفق.

الفائدة الثالثة:

ثالثًا أن أول سورة أرسل بها هي سورة المدثر
فيتحصل أن الرسالة جاءت من الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل
صلى الله عليه وسلم على مرحلتين:

المرحلة الأولى مرحلة التنبئة الإعداد اقرأ هذه في سورة اقرأ، والمرحلة الثانية الإرسال وهو الأمر بأن يفعل وأن يُنذر الأمة ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(1)﴾ ، أي المُتلفت في ثيابك ﴿قُمْ فَأَنذِرْ (2)
[المدثر:1،2] إلى آخر السورة نعم، أمرهُ ونهاهُ، أمره بالإبلاغ ونهاهُ عن
مُقاربة الأصنام وما كان أصلًا يُقاربها لكن هذا من التأكيد أو من بُغضها
بُغضًا شديد هو بُغضت إليه صلى الله عليه وسلم ، بُغضت إليه الأصنام وشرب
الخمر وعوائد الجاهلية المنافية للمروءة، بُغضت إليه صلى الله عليه وسلم
لكن هنا أكدت ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)﴾ [المدثر] ، "الرجز" الأصنام، ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)
، يعني اصبر بالتكاليف الشرعية فإن الحمل سيتتابع عليك وهذا من تعليمه
تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم كيف يتلقى الرسالة لأن الرسالة حِمْلٌ ثقيل
ولهذا أثاب الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقدر أجر من يهتدي من أمته ،نعم.

المتن:

قال - رحمه الله تعالى -:

5 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو
عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَا
تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً
وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَنَا
أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا وَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا
كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ
بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ قَالَ جَمْعُهُ لَكَ فِي
صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ قَالَ
فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ ثُمَّ
إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ
فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ.[4643 - 4645، 4757، 7086].

الشرح:

هذا الحديث يتضمن آيات من سورة القيامة التي يحفظها
أبناءنا و بناتنا في الصفوف الأول من التعليم الابتدائي و مضمونها نظيرة
قوله تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ
الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ
وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا
﴾ [طه:114] ،





فيتحصل لنا فوائد:

الفائدة الأولى:


حرص النبي صلى الله عليه و سلم على حفظ القرآن وأنه لا يفوته منه شيء ولهذا
كان يُعالج يعنى يُعاود، يخشى فكان يُردد مع جبريل أو يُحرك شفتيه مع
جبريل وتحريك الشفتين بدون صوت يدل على أن اللسان يتحرك وأن الشخص يتكلم
لكن لا يُسمع.

الفائدة الثانية:

وَعْدُ الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه يحفظ عليه القرآن، يحفظه في صدره
فلا يفوته منه شيء ويحفظه كذلك حين يُبيّنه للناس وهذا يُفيد أن من أنواع
البيان بيان القرآن بالقرآن وهذا يأتينا إن شاء الله في القواعد الأصولية
التي تعرضُ لنا أثناء الدروس.

الفائدة الثالثة:

في تحريك ابن عباس رضي الله عنهما لتلميذه سعيد بن الجبير رحمه الله فهذا من البيان وليس من التمثيل من وجهين:

أولًا: أن لعل سعيد بن الجبير لا يعلم من اللغة ما يجعله يفهم هذا، هذا وجه.

الوجه الثاني: التمثيل إن لم يكن كله فغالبه كذب
ولهذا ترون الممثلين كل مرة يظهر بصورة ويتكلم بصورة غير الصورة الأخرى فهو
كذب وهذا صدقٌ، هذا صدق وهذا له نظائر كثيرة فلو أن مثلًا شخص شهد عند
القاضي أن فلان سطع فلان على وجهه والقاضي يظهر له أن هذا لا يعرف السطع
فيقول:" بيّن لي كيف؟" فيرفع يده ويضربه بها، ليس هذا تمثيلًا هذا شيء
حقيقي ويأتينا أمثال هذا إن شاء الله في باب التيمم وغيره نعم من كتاب
الطهارة.

بقي أمر هذا الحديث وحديث جابر وحديث عائشة في قصة إنزال سورة "اقرأ" من المرسل الصحابي،
فكيف رواه هؤلاء الصحابة ابن عباس وجابر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين وهم
لم يُشاهدوا هذه القصص؟ والمرسل الصحابي مقبول عند أهل العلم فإذًا لماذا؟ لاحتمال أنهم رضي الله عنهم أخبرهم من شهد هذا أو تلقوا الخبر لاحقًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، هذه قاعدة هي التي تجعل أهل العلم يقبلون المرسل الصحابي على التحقق، لأن الصحابي أولًا لا يروي إلا عن صحابي وإن لم يُسرح به وإن كانت القصة قبل ولادته أو قبل إسلامه هو مقبول إذا رواها بعد إسلامه وبلوغه. وثانيا
لو روى عن تابعي فإنه لا يروي إلا عن تابعي ثقة ويتحرى بذلك وهذا نادر،
هذه تُسمى من رواية الأكابر عن الأصاغر لأن الصحابة أكبر من التابعين وهي
قليلة بالنسبة للصحابة رضي الله عنهم ، نعم.

المتن:

قال - رحمه الله - : بابُ

6 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ
أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ
مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ
وَمَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا
يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي
كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ
الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.[1803، 3048، 3361، 4711].




الشرح:

هذا الحديث ما علاقته بهذا الكتاب، كتاب الوحي؟ علاقته
أن مُدارسة جبريل صلى الله عليه وسلم محمدًا صلى الله عليه و سلم في رمضان
القرآن من الوحي الذي أوحاه الله إلى جبريل وأمره به أن ينزل به إلى محمد
صلى الله عليه وسلم وما دليل ذلك؟ لعلكم تذكرون آية في سورة مريم
﴿وَمَا
نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا
خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا
[مريم:64]
إذًا جبريل ما كان ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت إلا
بأمر الله وهو من الوحي، من الوحي الذي أوحاه الله إليه، أمر الرسول الملكي
أن ينزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم فيُدارسه القرآن, وفي الحديث فوائد
منها:

الفائدة الأولى:

شرف رمضان، لأن هذه المُدارسة ما كانت إلا في رمضان.

الفائدة الثانية:

العناية بالقرآن فإن القرآن أنزل لمقاصد ثلاثة:

- أحدها التعبد لله
بتلاوته فكلما قرأ المسلم حرفًا كان له حسنة والحسنة بعشر أمثالها كما صح
عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عثمان رضي الله عنه، روى هذا عن النبي
صلى الله عليه وسلم.


- الثاني التدبر فإن التدبر هو آلة الفهم فبالتدبر يحصل الفهم وإذا حصل الفهم حصل العمل على الوجه الصحيح.

- الثالث العمل به ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم لا يُجاوزون عشر آيات حتى يتعلمون معناها والعمل بها.

الفائدة الثالثة:

سرعة امتثاله صلى الله عليه وسلم وهذا يظهر في الإنفاق
ينفق صلى الله عليه وسلم إنفاق من لا يخشى الفقر على الدوام ولكن أكثر ما
يُنفق في رمضان لأن من المُدارسة الحث على الإنفاق وفي هذا أسوة حسنة لكل
مؤمن أن يعمل بكل ما يقف عليه من آية تنزيل الكريم ومن ذلكم الإنفاق في
وجوه البر والخير ، نعم.


المتن:

قال - رحمه الله -:

7 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا
شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ
هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا
بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ
فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ
عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ
أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ
نَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا
فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ
ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا
عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ فَوَاللَّهِ لَوْلَا
الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ثُمَّ
كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ
قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ
مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ
آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لَا قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ
يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ
أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ فَهَلْ
يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ
قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ
يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لَا وَنَحْنُ
مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا قَالَ وَلَمْ
تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ
قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَكَيْفَ كَانَ
قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قُلْتُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ
يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ يَقُولُ
اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَاتْرُكُوا
مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ
وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ
سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ
فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا وَسَأَلْتُكَ هَلْ
قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ
كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي
بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ
مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ
قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ
تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَذَكَرْتَ أَنْ
لَا فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى
النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ
اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ
اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ
يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ أَمْرُ
الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً
لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ
الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ وَسَأَلْتُكَ هَلْ
يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ
وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ
تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَنْ
عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ
وَالْعَفَافِ فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ
قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ
أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ
لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ
ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ إِلَى
هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ
الرُّومِ

سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ
بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ
مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ
وَ ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا
وَبَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرح صحيح البخاري - للشيخ عبيد الجابري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب صحيح البخاري
» sahih albukhary صحيح البخاري
»  كتاب : فتح الباري بشرح صحيح البخاري - للإمام ابن حجر العسقلاني
» الفرق بين قولهم حديث صحيح ، وقولهم إسناده صحيح
»  تحميل اشودة متفائل للمنشد الرائع حمد الجابري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: القسم الإسلامي :: القرآن الكريم والحديث الشريف-
انتقل الى: