السلام عليكم ورحمة الله و ربركاته أخى الزائر أرجو أن تعجبك مواضيع منتدانا ياريت تشاركنا مواضيعك من خلال تسجيلك في منتدنا ....وشكرا لكم ...
السلام عليكم ورحمة الله و ربركاته أخى الزائر أرجو أن تعجبك مواضيع منتدانا ياريت تشاركنا مواضيعك من خلال تسجيلك في منتدنا ....وشكرا لكم ...
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا بزائرنا العزيز و الغالي في منتديات العلم نور
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قراءة في رواية " اجيكن ن تيدي"للكاتب محمد اكوناض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 01/01/1970

قراءة في رواية " اجيكن ن تيدي"للكاتب محمد اكوناض   Empty
مُساهمةموضوع: قراءة في رواية " اجيكن ن تيدي"للكاتب محمد اكوناض    قراءة في رواية " اجيكن ن تيدي"للكاتب محمد اكوناض   Emptyالإثنين مارس 12, 2012 3:47 am

قراءة في رواية " اجيكن ن تيدي"
للكاتب محمد اكوناض

تقديم:

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



تعتبر رواية " IJJIGEN N TIDI" للأستاذ اكوناض، الرواية الثانية بعد
رواية"TAWARGIT D IMIK" ، وإذ اختار الكاتب هذا التوجه في الإبداع
الامازيغي ، فاني اشد على يديه بحرارة، وأقول له : أيوز ، بيد أن ولوج
عالم الرواية الامازيغية،هو من باب المخاطرة والمغامرة، خاصة مع استحضار
كل المعطيات ذات الصلة بموضوع الثقافة واللغة الامازيغية، فأمام غياب لغة
امازيغية معيارية، وأمام تعثر عملية تدريس اللغة الامازيغية، وعدم الإدماج
الحقيقي لها في برامج التعليم العالي والثانوي،دون الحديث عن باقي
التحديات ، لا يبقى أمام المبدع، إلا خوض غمار التجربة بمفرده، محاولا
المراهنة على رأسماله الذاتي، ومجهوده الفردي، لتحقيق الرغبة الجماعية،
المتمثلة في التأسيس لفن السرد الامازيغي حديث في كل تجلياته، بدءا من
التدوين وحتى الانخراط في المسار الكوني، محاولا المساهمة في الآداب
الكونية، من بوثقة الخصوصية، وإعطاء هذه الآداب نكهة أخرى، هذه الأخيرة
سوف لن تكون مع الكاتب غير الرواية الامازيغية،في عنفوانها، محاولة أن
تنقل إلى الثقافة الكونية نبض الإنسان الامازيغي ، ومعاناته، وآماله
وتطلعاته،فلنبجل بكل تقدير واحترام ، هذه التجربة الفريدة ، ولنهنئ
أستاذنا ، على هذه العزيمة الراسخة، وهذا الإصرار الذي لاينثني ، في أن
يكون المؤسس الحقيقي لفن الرواية الامازيغية.


في هذه الورقة سوف أحاول رصد التجربة، من خلال رواية " اجيكن ن تيدي" ،
عبر تيماتها ، وخطابها الفلسفي ، ودلالاتها الرمزية ، لأخلص إلى التأويل
الممكن والمحتمل، الذي يقدمه النص الروائي، سواء للدارس او الناقد،يؤدي
إلى توخي العلاقة بين الفعل الروائي، كمجهود فردي متخيل، والمسار الثقافي
، كفعل جماعي محرك له.


مكونات النص:

الرواية تتكون من 11 فصلا بالإضافة إلى كلمة شكر، هذه الفصول هي:

(
تلاليت ن موغا- امالو ن ئمي مرو- تاوايا ن ئزيكيتن- امارك ينقان- ئس ئلا
ئكنا تفلوين- ئدريمن سالانين- للابوس- تكات نايت اكوبان- بيهي ن تدوارت-
تافريرت تاروميت- تلقس دوقرغ ) وهي عبارة عن مونولوج استرجاعي في الغالب،
يعالج من خلاله السارد بواسطة تيمات:الغربة-الجنس/ الأنثى-الحرية-الدين-
المأساة-الحكمة، مجموعة من المواضيع الاجتماعية ، والثقافية، والاقتصادية،
والسياسية، التي تثقل كاهله، فأبى إلا التعبير عنها على لسان الراعي/
أسكتي ، محاولا ، تتبع مسار حياته المعقدة، الحافلة بالتساؤلات ، والنكبات
، جاعلا من حياته تراجيديا الانسان الامازيغي بصفة عامة (
المأساة=تاكسنا-Taksna )، بالالتفات إلى عنوان الرواية" اجيكن ن تيدي" ألا
يمكننا القول انه يختزل رحلة الإنسان الامازيغي في بادية سوس ، نحو تأكيد
الذات ، فهذه الأزهار التي نراها وقد تفتقت، وأينعت وصارت جميلة المنظر،
زكية الرائحة، الم تسقى بعرق أصحابها الذين بذلوا مجهودا جبارا لكي تزهر
ازهار حياتهم؟ ألا يشكل ذلك رسالة للإنسان الامازيغي عامة ، ليبذل مزيدا
من التضحية من اجل أن تزهر حياته؟ ذلك ماسنراه من خلال تحليل المتن السردي
للرواية.


فضاءات وأمكنة النص:


ولأجل ذلك استعمل السارد مجموعة من الفضاءات تحيل على الطبيعة البدوية،
بقسوتها، بأخلاق سكانها، ليضعنا في الصورة الحقيقة لحياة الإنسان
الامازيغي في البادية، في معاناته، آماله وتطلعاته،ثقافته وطريقة
تفكيره،هذه الفضاءات هي في البداية:

-فضاء " امكساون" الرعاة ، وهذا الفضاء لن يكون سوى الغابة او المرعى حيث ترعى الأغنام، بكل معالمه، وتضاريسه، وجغرافيته.


- فضاء "أكوبان" وهو فضاء موبوء ، تتناوبه المصائب والمجاعات الدورية،
والصراعات،مما يعطي الانطباع على أن زمن الرواية يمكن أن يكون هو فترة
الأربعينيات من القرن الماضي ، خاصة ذكر السارد لنبات كان بمثابة مؤشر
للتأريخ في منطقة سوس ، عقب المجاعات الدورية التي كانت تصيب المنطقة، هذا
المؤشر هو عبارة" اينري امزوارو" اينري ويسين" واكوبان عبارة عن بلد يعيش
فيه غالبية من الناس هم اقل شأنا، لايتمتعون بالشرف، تعساء وبؤساء جلهم
عبيد لدى قلة من الأسياد، يستخدمونهم في ظروف لايعيرون فيها أدنى اعتبار
لإنسانيتهم.

- فضاء تلان نتغومت : شهد معاناة الراعي/ اسكتي، مكان الرعي، حيث كان يقاسي كل صنوف الحرمان والقهر، شاهد على الحضور القوي للام.

-
فضاء فرنسا وهو فضاء الانعتاق والفرج من ذل الاسترقاق والعبودية وامتهان
الكرامة،وهو فضاء وان كان يحيل على الغربة والاغتراب، فقد اعتبره السارد،
المتنفس الأخير لمعاناته،إحالة إلى اغتراب الذات والوطن.

-
فضاء د ووزدوين وهو فضاء شهد التقاء عاشقين هما : "تنسفا لين" و "احداداي"
، وقعت فيه تلك الحادثة التي اعتبرت في إبانها" امتهانا للكرامة" بحيث
رقصت "تنسفا لين" وهي زوج احد الوجهاء وهو سعيد ن ضيق، على إيقاع بندير
اكضيض وهو احد الرعاة " امكساون" وهي متيمة عشقا باحداداي.

فضاء: تانوضفي ن كر تسو كوتين: شهد مأساة دينك العاشقين، تراجيديا من نوع آخر، حيث لقيا حتفهما في ظروف غامضة بحثا عن الحب الحقيقي.


شخصيات النص:


كما وظف مجموعة من الشخصيات ، تختلف منطلقاتها الذاتية، والذهنية، وهي
تتصارع في دائرة ضيقة من اجل إثبات الذات في بداية الأمر ، ومن اجل البقاء
في نهاية المطاف، كأمل مشروع يلخص مسالة المعاناة او تراجيديا الانسان
الامازيغي في البادية ، هذه الشخصيات هي: (عدي ن تموجارت- بيهي ن تدوارت-
للامماس زوجته- الراعي/ اسكتي او السارد- تليتماس آخت الراعي- توفلا نايت
بارود- أم الراعي- امي مرو/ الكاهنة- موغا/ الفرنسي الذي ساهم في تهجير
اليد العاملة من البادية المغربية خاصة في سوس إلى فرنسا في الستينيات من
القرن الماضي- خال الراعي- علي ن ئزيكيتن- أمغار- للا عبوس- عدي زوج
توفلا- احداداي/ او راعي "ئد بيكروان" وهو رفيق السارد- للا ابا او الأمة
السوداء- ئدر راعي باسكار- تينسفالين -سعيد ن ضيق زوجها - اكضيض- بيهي
ؤشاموش- امانوز- اسيل- القائد انفلوس- ابنداوش- سي ودير اداسكو- احيتور –
بيحولين- ايت ؤبنكال- ئزيكيتن- بيهي ئد ؤسوان) وهي شخصيات أصيلة في سياق
العمل من اجل اثبات الفكرة الرئيسية للنص المتمحورة حول علاقة الذات
بالأخر، في إطار عدم التكافؤ، علاقة يسمها الاختلال منذ البداية، في
المنطلقات، والأفكار، وأشكال الحياة، والأدوار التي اريدت لكل شخصية أن
تقوم بها، في حين بذل الكاتب مجهودا كبيرا من اجل أن ينقل إلينا نبض هذه
الشخصيات، محافظا على تلك الكنيات الشائعة لدى ايمازيغن / في براءة
وتلقائية وعفوية الانسان البدوي، بل وفي مخاتلته ومكره أيضا.


معجم وتراكيب النص:


للاضطلاع بتلك المهمة وظف الكاتب معجما امازيغيا أصيلا، واعتقد انه بذل
مجهودا كبيرا في البحث عن مرادفات لأسماء وأفعال وأمكنة وشخوص ، اندثرت في
اللغة الامازيغية المحكية بفعل تأثير اللغات الوافدة، رحلة البحث المضنية
تلك، لم تثني الكاتب أن يبحث في المعجم الامازيغي في منطقة تامازغا ، خاصة
القبائلي ليأخذ منه مايفيده في التعبير المبتغى ، وللتدليل على ذلك نأخذ
كلمة" تاواشولت" على سبيل المثال لا الحصر، التي تعني الأسرة في القاموس
القبائلي، النتيجة أن السارد قدم لنا رواية امازيغية شيقة وجميلة، ذات
معجم أصيل، وتراكيب وأساليب امازيغية بحثة.


ولذلك لابد لنا من طرح هذا السؤال: هل يحاول الكاتب خلق لغة امازيغية
معيارية، تقوم بديلا " للمحكي" لغة راقية،لغة أدبية شفافة، تمتلك
ميكانيزمات التعبير الفصيح، لغة تحمل بين طياتها علامات لغة أدبية رصينة
وعبقرية،يمكن تشبيهها بلغة موليير او فيكتور هيجو في الآداب الفرنسية، ،
تستطيع أن تعبر عن كل المشاعر والأحاسيس، وكل الأزمنة والأمكنة ، لغة
الإبداع الامازيغي بامتياز ؟ وهو عمل كان منوطا بالدوائر العلمية
والأكاديمية، والمعامل الفكرية من ذي قبل، بمقدورها حمل أسئلة العلم
والثقافة إلى ابعد مدى.

التيمات :

-المعاناة:

ويرمز إليها السارد على لسان الراعي/ اسكتي، من خلال مونولوج استرجاعي تخلل كل فصول الرواية.


يأخذنا السارد عبر هذه التيمة إلى عالم المتناقضات، فضاء العبث واللامعنى
، هذا الفضاء هو مكان يدعى" أكوبان" ، وهو اسم الدوار الذي ولد وترعرع فيه
الراعي/ اسكتي، هذا الفضاء الموبوء ، مليء بالمحتالين، والمتوجسين ،
والتعساء، والبؤساء، والماكرين، قاسى فيه ، بكل ضراوة وقسوة
،الراعي/اسكتي، في إسار سيده "بيهي ن تدوارت" ، من صنوف المهانة والاحتقار
والفقر والجوع ألوانا وصنوفا، قبل أن ينتشله " موغا " من براثن هذا المكان
البغيض، لينتقل بذلك إلى حياة الغربة، أيا كانت ، فهي بالنسبة له، مؤشر
على الفرج والانعتاق من براثن الفقر والذل، أي الانتقال إلى الحياة
السعيدة والهنيئة.


- الأنثى/الجنس :


من خلال تيمة الأنثى والجنس، يعالج السارد أزمة الشاب الذي هو الراعي/
اسكتي ، شاب في مقتبل العمر، في عنفوانه، يبحث عن أنثى لإشباع نزواته
المتفجرة، فلم يجد أمامه غير امة سوداء، سماها السارد:" تاوايا ن ايت
ئزيكيتن" ،او " للا ابا" كما يكنيها الناس، هذه الأخيرة بقدر ما كانت تمنح
له جسدها لإطفاء نار نزواته المتأججة، بقدر ماكانت ترغب في الانتقام من
الذات من ذل العبودية،والتشرد، ونظرات الاحتقار، والعار الموسومة به من
طرف نساء "أكوبان" ، فالعلاقة الجنسية غير المشروعة مع "للاابا" ،مع
الراعي/ اسكتي ، هي بالنسبة لها، نوع من الرغبة في تازيم العلاقة مع الذات
المتأزمة أصلا، بزيادة امتهانها أمام راعي يصغرها سنا، اما الراعي/ اسكتي
الذي لم يجد غير هذه الأمة، وهو اشد مايكون في حاجة إلى أنثى ، "فللا ابا
" بالنسبة له رمز للأنوثة المفتقدة، والألفة ، والعطاء، والحنين ، ومتنفسا
من نير العبودية لدى سيده " بيهي ن تدوارت"والتمرد عليه بالخروج ليلا إلى
أحضان الحبيبة.


-الحرية:


" .. تاوايا ؤر تكي أفكان دار ميدن..تسنت وكان ئس أور اسمومينت تووين.."
هذه العبارة التهكمية ذات النبرة الاحتقارية، ووجهت بها ، "للا ابا" من
طرف إحدى نساء "أكوبان" ،الأمة هنا رمز للعبودية والذل والمهانة، في أعين
الناس ، وهي بقدر ما هي كذلك، بقد رما تتسم بالاتساخ وعدم النقاء، في حين
يروم السارد من خلال تيمة الحرية إبراز نسبية المظهر للدلالة على الجوهر،
ونسبية معياري النقاء والصفاء ، من حيث كون الأمة وان كانت سوداء البشرة،
متسخة الكرامة والشرف، فهي نقية النفس.مما يعطي لمفهوم الطهارة الذي هو
مرادف للشرف، مفهوما مغايرا بالنسبة للسارد، هذه الطهارة النفسية ، مرادفة
للشقاء والتعاسة، في حين يظل الاستعلاء والعجرفة من شيم الضعفاء.


-الدين:


علاقة جدلية بين الدين والعقل، بين المعقول واللامعقول ، التوسل بالأضرحة،
وتمجيدها في حالة " امي مرو " كاهنة أكوبان ، التساؤلات المحيرة للراعي/
اسكتي ، وعقليته الاستفزازية حيال كل ماهو مسلم به ، وموروث ، بالنسبة
"لتوفلا نايت بارود" ، أم الراعي/اسكتي، طريقة للتفكير سائدة في البادية
بشكل لافت ، الأحلام كطريقة لحل المعضلات الاجتماعية ( الزواج- الطلاق..)
في مسالة زواج توفلا من الخاطب "حمو ن تفرادت" ، هذه المسألة أشار إليها
الكاتب الأمريكي بول بولز في روايته " البستان" في تناوله لثقافة سكان
جنوب المغرب، من حيث كونهم يلجأؤون إلى الأحلام والرؤى والمنامات لحل
المعضلات الاجتماعية، والاقتصادية، وأحيانا السياسية.



-المأساة :


يجسدها في متن النص اثنان: الراعي/ اسكتي،بسبب المعاناة التي تعرض لها في
إسار "بيهي ن تدوارت"، وفقدانه لوالديه في سن مبكرة ، وإصابته باليتم،
والأمة للا ابا بسبب امتهانها من طرف نساء "أكوبان".والى حدما ثلاثة آخرين
هم : الحكيم" امانوز" الرافض لسياسة المخزن، و" تنسفا لين" زوجة سعيد ن
ضيق، وهو من الوجهاء باكو بان، وحبيبها "احداداي"، مؤشر لعلاقة غير مقبولة
من طرف العقلية البدوية المحافظة، النتيجة هي اختفاؤهما في ظروف غامضة، تم
تفسير اختفائهما غيبيا في بداية الأمر، لينتهي الأمر إلى إغلاق الموضوع في
نهاية المطاف، مما يجعل التساؤل العريض مشرعا، حيال فهم الناس واستيعابهم
للعلاقات غير المشروعة، ورفضهم إياها بادئ الأمر، وتفسيرهم إياها تفسيرا
غيبيا ، ثم إقفالهم لموضوعها بدون جدوى.لعدم كفاية الادلة، مؤشر على اللبس
والضبابية التي تسود معظم العلاقات الاجتماعية في البادية المغربية.


-الحكمة:


يجسدها "امانوز" ،كشخصية تحيل على الرفض والاحتجاج السياسيين من خلال حشده
للرعاة/ امكساون، وإعطائهم حبات التمر، في حين كان يحاول أن يزرع فيهم روح
التمرد التي كان يشعر بها في داخله تجاه السلطة الزمنية التي هي المخزن،
هنا يحضر لي مثال الفيلسوف أفلاطون في حقول اكاديموس مع طلاب الحكمة او
صوفيا بالإغريقية، هذه الروح التمردية ، ضد الواقع يناهضها واقع آخر مغاير
او محايث، انه واقع الوشاية والغدر الذي يجسده، احيتور، سيئ النية، والظن،
إحالة على إشكالية البؤس والثروة، التي يتموقع المخزن ضمن خلفياتها، بينما
يجسد اضطهاد امانوز وعائلته وجلساؤه من طرف المخزن، طرف هذه العلاقة غير
المتكافئة بين الواقع والاحتجاج عليه، كلمة الثورة "تاكراولا" ، دلالة على
الرفض، بيد أن ثمة دائما أفعى تحيل على الغدر والخيانة يجسدها احيثور هي
بالمرصاد للرافضين والمحتجين،ينضاف معطى آخر لإعطاء الجدلية سياقا آخر،
استعمال الفقيه للدين لتبرير حالة الاعتقال والاضطهاد التي تعرض لها
امانوز ( اغاراس ؤر يكين وين تمزكيدا ..) ، هنا تبرز إلى الواجهة من جديد
مفارقة الفقيه والحكيم، والعلاقة البئيسة بينهما ، لتحيل على مفارقة الدين
والفلسفة بشكل عام. او ما اسماه سقراط النهاية المأساوية للفلسفة ، التي
تعني في نظره انحدار الناس إلى مستوى السفسطة الانتهازية التي تستغل كل
الموضوعات من اجل تبرير أفعال الحكام ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن سقراط
قتله الحاكم الإغريقي بريكليس،وهو احد الطغاة الاثني عشر الذين حكموا
أثينا على التوالي، والذي كان سقراط ينتقد طريقته في الحكم،اما بالنسبة
لفيلسوف الرواية" امانوز" فقد اضطهد من طرف المخزن، قبل أن يقتل في ظروف
غامضة، بالنسبة للسارد بؤس الناس يؤدي إلى شراستهم وفقدانهم الأخلاق والحس
بالتضامن والاحترام المتبادل.





الدلالات:


الجوع لا يقتل، الحياة بلا معنى هو الذي مايقتل الإنسان..هذه العبارة
تعتبر من إحدى الحكم التي كانت تسديها الأم للراعي/ اسكتي للأخذ بيده
وتشجيعه على المضي بإصرار في دربه الصعب، وعدم الالتفات إلى ما يثبط
عزيمته، بيد انه بالنسبة إليها فتى لايضاهى بين أقرانه.والحكمة من حيث هي
نابعة من الأم/ التي يمكن أن تحيل على الأرض او الوطن، لاتشتكي من الجوع،
بل من الحياة الفاقدة للمعنى، حياة العبث، التي يعيش فيها سكان أكوبان.هذا
المعطى مؤشر مهم يساعد حين ينضاف إلى مؤشرا أخرى على فهم مقاصد النص، التي
تنطوي عليها الإيماءات المختبئة في أقوال الشخوص المشكلة للمتن الروائي،
نأخذ على سبيل المثال قول الراعي/ اسكتي، وهو يرفض الدخول في مساومة مع
غرمائه من أهل أكوبان( كولع اوراسن تاجغ تارداست وواكال).


الرواية في مجملها، عبارة عن مونولوج استرجاعي،( نك ديخف ئنو هللي ايد
ئساوالن ؤرد سي ئسنوكمب يان) يعالج من خلاله السارد بواسطة التيمات
المتطرق إليها آنفا، مجموعة من الإشكاليات العويصة التي يتخبط فيها مكان
ما تحت الشمس ، فوق الكرة الأرضية، هذا المكان اختار له السارد اسم
"أكوبان"، بدون النبش في الظروف التاريخية للنص يكفي القول انه اسم يحيل
على البؤس والدونية والاحتقار، هذا المكان بالنسبة للسارد هو مكان
اللامعنى، مكان العبث، يعيش فيه جماعة من الناس في إطار علاقات غير
متكافئة، رابطها الرئيس عدم الاطمئنان، مكان موبوء يعج بالمصائب، والشرور،
تظهر فيه الأم وتختفي كرمز للوطن، في حين يجسد كل من الاغتراب/ الغربة،
وغياب الأم ، مفارقة هذا الوطن، تختزل الجانب الإنساني في "رواية اجيكن ن
تيدي"،هذا الجانب الإنساني يحيل على واقع مختل، لا مكان فيه لقيم مثل
النبل، والصدق والشهامة ، ففي حين ترمز الأم إلى العفة والكرامة والنقاء،
تأتي تيمة البخل/ المال لتحيل على عبودية الناس للمال والثروة وفقدانهم
للحس الرفيع ، فقدانهم لرأس المال الحقيقي الذي تجسده الحكمة، لدى "امانوز
"، والتضامن لدى "بيهي ؤسوان"، والشهامة لدى "أسيل" ، فهم حيال ذلك لايرون
إلا بؤس الراعي/ اسكتي، وثراء "ايت أبنكال". يقوم السارد هنا بعملية
استرجاع ( انكلوس) المرأة الغربية، مؤدية الأجور،تؤدي لحظة أداء الأجور
إلى الافتقاد/ يدخل السارد من جديد في عملية استرجاع- ليؤكد على أهمية
المال/ الراعي/ اسكتي- الذي صار يكنى من طرف سكان " أكوبان" ب تريالت أي
البخيل،بعد عودته من فرنسا، وامتلاكه للمال، هنا يتجلى البعد الإنساني في
امتلاك المال والثروة، وقيمة الذات بالعمل المأجور- ومقارنة بريق المال
أمام القيم والمبادئ- غير أن المال بالنسبة للسارد على لسان ابنداوش قد
يعني شيئا آخر، تدل عليه كلمة" أيدا" التي تعني في اللغة الامازيغية ،ما
يمتلكه الشخص بين ظهراني أهل بلده من العقارات، وهي إحالة إلى الشرف، بيد
أن " أيدا" هو الحرز الذي يحصن الشخص من السقوط في المذلة والامتهان،وهي
تحيل بالنسبة للسارد على الأرض والوطن من حيث كونه الدعامة الرئيسية
للوجود، تأكيد ذلك على لسان "ابنداوش" وهو زميل للراعي/ اسكتي في فرنسا.(
ماخ ونا سول ؤر ئلين أيدا ئلا مقار نيت ئدر ؟).


التأويل الممكن والمحتمل:



تلخص الرواية علاقة الانسان بالإنسان وصراعاته من اجل العيش المشترك، او
من اجل البقاء في نهاية المطاف، ويتخيل السارد لأجل هذه الغاية فضاءات هي
نفس الفضاءات، وشخصيات نفسها، من لحم ودم، ومشاعر وألام وآمال وتطلعات.


الأم ترمز إلى الأرض- المال يرمز إلى العزة والكرامة في حين يرمز الفقر
إلى الشقاء والتعاسة – العبودية ترمز إلى الذل- الحرية ترمز إلى الانعتاق-
إلام ترمز إلى الأرض تقابلها ثنائية ،الهجرة والغربة مع ما لهما من الم
يرمزان إلى التضحية، حب الأم/ الأرض يقتضي التضحية في سبيلها عن طريق عدم
الخضوع للآخرين، أهمية الإنسان بالنسبة للام بدون مال، أهمية الزوج للام
بدون مال، غنى النفس، جوهري حيث في بلاد أكوبان يتم تسعير المواطن،
واستغلاله، وتشيئه، واستعماله بدون الالتفات إلى إنسانيته.


في حين ترمز العلاقة الجنسية للراعي مع الأمة إلى أن العلاقة مع الجسد يجب
أن تكون في إطار عدم الخضوع لنزاوته، لان عكس ذلك يؤدي إلى فقدان الكرامة،
امتهان كرامة الجسد بواسطة العلاقات غير الشرعية، يمكن أن يحيل على مسألة
امتهان كرامة الإنسان ككل، من خلال الرضوخ للشروط غير الموضوعية لتحقيق
اللذة.بيد أن كل كائن بشري على وجه البسيطة لايسعى إلا من اجل تحقيق
اللذة، واجتناب ما أمكن الألم.واللذة هنا لاتقتضي اللذة الجسدية وحسب، بل
اللذة بالمفهوم العام الذي يعني العيش في كنف الكرامة الإنسانية.


في بلاد "أكوبان" عوائل ميسورة وأخرى معدمة تتصارع في فضاء موبوء مليء
بالمحتالين والخبثاء والأشرار ، يؤدي إلى كره المكان، اللصوص والتعساء
والمتاجرين بالقيم الإنسانية،يجسد النفاق الاجتماعي وعبودية الناس للمال
وفقدانهم للبوصلة الحقيقة التي تؤدى إلى معين الحكمة الصافي ، محاولة
استفهام عن حقيقة الآخر، (ارومين) والاستكناه عن أسباب الاختلاف معهم،
معاشرة الأمة السوداء يشكل ألما مضاعفا للنفس،المعذبة بأغلال العبودية
والاسترقاق.

تحسن حياة الراعي/ اسكتي بعد
عودته من فرنسا، خلق نوعا من الإرباك لسكان أكوبان، المعروفين بعدائهم
للفقراء،الذين كان الراعي/ اسكتي واحدا منهم، أدى بهم إلى مساومته حول
تركه الكلام مقابل تركهم له المال،والكلام هنا لا يعني مجرد النطق، بل
يحيل على الحق في التعبير بالكيفية التي يريدها الراعي/ اسكتي، الإنسان،
بالنسبة للسارد قد يعني الكلام باللغة الامازيغية،هذا الكائن البشري الذي
أريد له أن يخرس وألا يتكلم ، مقابل أن يحيى حياة الجماد الفاقد للروح
والإحساس، رفض المساومة، وقرر أن يتحدى الآخرين ، ودخل في مناظرة علمية مع
الفقيه( سي ؤدور اداسكو) سائلا إياه باستفهام، حول هل بإمكان النصارى أن
يصلوا إلى سطح القمر ؟هذا التساؤل خلق متاعب جمة له، نباهة الراعي أثارت
حفيظة الفقيه،يجسد كل ذلك الصراعات الاجتماعية التي تختبئ وراء الدين
والعلم،وهي عملية سردية أراد من خلالها السارد النفاذ إلى نقد العقلية
المتحجرة للمتدينين المحترفين،ومحاولة خلخلة الذهنية الغيبية الموروثة في
شكل تساؤل من نوع آخر حول لماذا لم تستطع "امي مرو" حماية ضريحها من
السرقة ، الإيمان وتقدير الذات بالنسبة للسارد في نصائح "بوس" المتقمصة
لشخصية إلام، توفلا نايت بارود،مسألة إشكالية تنضاف إلى الكم الهائل من
الإشكاليات المطروحة لتشكل بدورها عبئا على السارد، لم يستطع التخلص منها
إلا بمحاولة جعل الراعي/ اسكتي يتقبل بشكل لاهوادة فيه مسلمات للا بوس،
حول الإيمان والمعتقدات، بشكل عام.

وتأتي
كلمة" تيموزغا" ، وهي ليست اعتباطية، مرادفة للشرف والكرامة والحب
والإيمان ، الذي يتحلى بها الانسان الامازيغي،مناقضة لبؤس النفس البشرية
وإشكالية البحث عن السمو المفتقد.

فهل حقق
الكاتب أية مماهاة بين الواقع والمتخيل، واقع الانسان الامازيغي في
البادية خاصة ، وفي أرضه ووطنه عامة؟ هل استطاع أن يوصل إلى أذهاننا رسالة
ما، معنى ما؟ فماهي هذه الرسالة، وذلك المعنى؟


أية علاقة تربط "أكوبان" مع الوطن على مستوى المحاكاة؟ في كل الإشكاليات
العويصة التي اختزلها النص في مجموعة من الفضاءات والشخوص، متحدثا بتقنية
الاسترجاع، في اغلب الأحيان، وعلى لسانها أحيانا أخرى ، عن امالها،
وآلامها، وتطلعاتها،وآرائها، ومعتقداتها، عن شريحة معينة من الناس، لها
ماتختص به لنفسها، لكن لها ما تتقاسمه مع المجموعة التي تنتمي إليها.


أعتقد أن الكاتب لم يتجشم عناء الفعل الروائي اعتباطا، وأقرر هنا بدون
تردد، انه نجح – كعادته- في جعل النص يحاكي الواقع، مع ضرورة الإشارة إلى
ما يتميز به الفن كفن من تلميح وعدم تصريح، وإلا سقطنا في الابتذال الرخيص.


ايت بود محمد- باحث


جريدة تاويزا – عدد 121 ماي 2007

_________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قراءة في رواية " اجيكن ن تيدي"للكاتب محمد اكوناض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مقتطفات تستحق التأملالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة مقتطفات مفيدة بعضها بقلمي والبعض أخر لا هناك سور أجور قرائتها تعادل قراءة القران كاملا وهي: 1- قراءة سورة الكافرون...........تعدل قراءة ربع القرآن توضيح ذلك http://www.islamweb.net/fatwa/index....twaId
» الموضوع منسوخ من منتديات حبيبي يا عراق قبل لتدخل صلي على محمد(اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ) http://www.ok-iraq.com/vb/showthread.php?t=7966#ixzz1lupjNePI قبل لتدخل صلي على محمد(اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه )
» أعظم الملاكمين | أقوى ملاكم | محمد علي كلاي | فيلم وثائقي عن محمد كلاي | افلام ملاكمة
» قراءة تحليلية في قصيدة الصحابي حبيب بن عدي رضي الله عنه
» اللغة والسلطة والدين في رواية tawargit d imik لمحمد أكوناض

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: وولد وايد للثقافة وفنون :: أدب وشعر-
انتقل الى: