السلام عليكم ورحمة الله و ربركاته أخى الزائر أرجو أن تعجبك مواضيع منتدانا ياريت تشاركنا مواضيعك من خلال تسجيلك في منتدنا ....وشكرا لكم ...
السلام عليكم ورحمة الله و ربركاته أخى الزائر أرجو أن تعجبك مواضيع منتدانا ياريت تشاركنا مواضيعك من خلال تسجيلك في منتدنا ....وشكرا لكم ...
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا بزائرنا العزيز و الغالي في منتديات العلم نور
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  مفهوم الرق والعبيد والجواري .. كيف عرفه الرسول ص وأصحابه قبل 1433هـ وكيف حرفه المسلمي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 01/01/1970

 مفهوم الرق والعبيد والجواري .. كيف عرفه الرسول ص وأصحابه قبل 1433هـ وكيف حرفه المسلمي  Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم الرق والعبيد والجواري .. كيف عرفه الرسول ص وأصحابه قبل 1433هـ وكيف حرفه المسلمي     مفهوم الرق والعبيد والجواري .. كيف عرفه الرسول ص وأصحابه قبل 1433هـ وكيف حرفه المسلمي  Emptyالأربعاء مارس 07, 2012 12:52 am



[center][size=25]
[center]مفهوم الرق والعبيد والجواري .. كيف عرفه الرسول ص وأصحابه قبل 1433هـ وكيف حرفه المسلمين في عصرهم الحديث ..
دراسة علمية من منظور إسلامي توضح الخلل الذي طرأ على مفهوم الرق والإستعباد..


" رحم الله الملك فيصل " ، عبارة
تتردد كثيراً على مسامعنا ، كلما ذكرت العبودية ، وكلما ذكرت أهم إنجازات
المغفور له بإذن الله ، الملك فيصل ،طيب الله ثراه ، وقد كان من الممكن أن
نسمعها و نقرأ عنها ، ونعتبر ذلك شيئاً من التسلية وضياع الوقت ، وذلك إذا
علمنا أن المقصد من وراء ذلك التعبير اللفظي ، هو التعبير المجازي الوصفي
، أو ربما لخلق روح الدعابة البريئة والملاطفة، لكن عندما يكون المقصد هو
تسميم العقل الإسلامي فكرياً ، بإنشاء أو ترسيخ أو تكريس فكراً أو مفهوماً
خاطئاً ، و تغذيته بثقافة منافية لمبادئ وصحة الشرع الإسلامي ، لظاهرة
اجتماعية لها بعدها الشرعي والاجتماعي والتاريخي ، ويئول فيها الكاتب أو
المتحدث ما يشاء ، نتيجة لسوء فهم أو قصد ، لست أدري ، و يلوي في ذلك
أعناق الحقائق ، واصماً وناعتاً لفئة من الناس بالعبودية ، محاولاً في ذلك
إلصاق العبودية والرق بذوي البشرة السوداء أو السمراء ، من دون توفر أي
دليل شرعي صحيح ، أو وجود أي دراسة موضوعية ، وبما أن الموضوع كذلك، فلن
يكون الأمر بسيط وهنا لي وقفه.
وما دفعني في الحقيقة إلى التعرض
لهذه القضية المسمومة بدراسة موضوعية ، هو لأنها عبارة " مستهلكة "، نالت
من عقول الكثير فكراً واعتقاداً ، وتحاول كثير من وسائل الإعلام والتثقيف
– وبكل الوسائل – أن تلصق بالدين ما ليس به ، أو تقول أن تلك التجاوزات
قامة على أسس شرعية صحيحة، وأن المغفور له بإذن الله الملك فيصل ـ طيب
الله ثراه ـ ، فضلاً عن رجال الدين والعلماء الربانيون ، قد أقروا بأن تلك
التجاوزات التي أساءت للإنسانية ، وأنه هو من حرر العبيد ، وأن تلك
التجاوزات الخاطئة ، هي الغاية التي قصدها وفسرها الفكر الإسلامي الأصيل ،
لمعنى الرق ومفهوم الاستعباد .

ومن المعلوم أن الفكر الإسلامي يتميز - على مر العصور - بامتداده إلى عمق
الحياة ، وشموله لجوانبها ، وارتباطه بمشكلاتها من جهة ، كما يتميز بربط
أمور الدنيا - معيشة ودراسة - بأمور الدين عقيدتاً ومصيرا من جهة أخرى .
ومن ثم فإن الباحث الإسلامي حين يتعامل مع هذا الفكر ، فإنه يجب أن يتعامل
معه بعقل مفتوح ، وقلب مؤمن ، وحين يقدمه إلى القراء والمستمعين
والمشاهدين ، فإنه يجب أن لا ينسى هذا الارتباط بين الدين اعتقاداً ، وبين
الحياة واقعاً ، فهو لا يقدم أفكاراً مجردة تنحصر في رياضة عقلية ومتعة
فكرية ، كما أنه لا يلهب العواطف بكلمات منمقة وسبحات روحية .

وعند تتبع النهج القرآني في التربية أو المعاملات أو غيرها ، نجده يحرص كل
الحرص على هذا الربط ، فهو يعرض المسألة مرتبطة بواقع الناس من جانب ، ثم
يمزج هذا الواقع فيجعله من صميم الدين من جانب آخر ، ولعلي هنا أضرب مثلاً
لتقريب المسألة أكثر : إذا قرأنا آية من القرآن عقب قراءتنا لمسألة من
مسائل المعاملات ، في توزيع غنائم الحرب مثلاً ، في قول الله تعالى : (
واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) ( 1 ).
أو في مسائل المعاملات المالية مثل قوله تعالى ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) ( 2 )
فكأنما تقوى الله والتذكير بحدوده ، هي الضوابط التي ترسم طريق هذه المعاملات وتضمن سلامتها

كما أن على متلقي الفكر الإسلامي أيضاً ، أياً كان نوع هذا التلقي ، أن
يتصور هذه العلاقة ابتدءاً ، حتى لا يجهد نفسه بإلزام المنهج الإسلامي ما
لا يجوز التزامه به ، ولا يحمله من المعاني والاتجاهات ما لا يتحمله .
فلقد امتزج هذا الفكر بالحياة ، وامتد إلى جوانبها المختلفة ، ولكن
المفكرين فيه لم يكن يعنيهم تقديم الفكر إلى الناس بقدر ما يعنيهم تقديم
المنهاج الذي يربط الدنيا بالدين ، ويهيئ الحياة للآخرة .
ومما زاد الطين بله كما يقال ، أن الغالبية العظمى من أجهزة التثقيف
والإعلام المحلية ، و بعض الوسائل الخارجية أيضاً التي تناولت قضية
الاستعباد ، مازالت تروج للعديد من المغالطات والتظليل حول تلك القضية .
وبدلاً من أن تكون تلك الوسائل أداة توجيه وترشيد وتحكيم بين الغث والسمين
، والحق والباطل ، والصواب والخطأ ، بدلاً من ذلك نراها تنشر بين الناس ،
تلك القضية بخلفية شرعية و تاريخية " مختلقة " ، مصنوعة إعلامياً عن
العبيد و الجواري المملوكات ، رابطتاً العبودية بذوي البشرة السوداء أو
السمراء ، وتؤكد شرعيتها ، وتقحم الدين عليها ، وكان الأولى أن تبين للناس
ما يكمن فيها من مخالفات شرعية ، ونكسات فكرية ، مرفوضة شرعياً وإنسانياً
رفضاً باتاً ، ليس حباً في الرفض ، ولا تعالياً على من وقعوا في تلك
المخالفات والتجاوزات والنكسات ، بل لقد ثبت من خلال روح الشريعة
الإسلامية الصحيحة ، ومن خلال ذلك القرار ، فضلاً عن رجال الدين ، أنها
تجاوزات صدرت من أناس ،لا يدركون شيئاً عن أحكام وشروط وقواعد الرق
والاستعباد .

لهذا فقد أفردت الجزء الأكبر من هذه الدراسة ، لتعريف وتوضيح قضية الرق
والعبودية من منظور إسلامي ، وكيف تعامل معها معلم البشرية محمد صلى الله
عليه وسلم ، بالإضافة إلى توضيح وتفسير معنى ذلك القرار التاريخي ( 3 )
الذي يتحدث عنه الناس ، ويتعرض له كتاب في الوسائل الإعلامية ،من قنوات
ومواقع إخبارية ،ومنتديات انترنت ،وصحف ورسائل هاتفية ، ومتحدثون إعلاميون
لا يدرون شيئاً عن حقيقته ،أو مغزاه الشرعي ، ولذلك فقد وقعوا في أخطاء
كبيرة وجسيمه ، ثم أوقعوا الناس معهم ، في اعتقادات لا يقرها عقل ناضج ،
ولا فكر صائب ، ولو تحروا الدقة في دينهم ودنياهم ، لما كتبوا ما كتبوا ،
وما قالوا ما قلوه.
ولنتناول بعضاً من فقرات تلك الكتابات والمقالات الخاطئة ، خذ مثلا هذه
الفقرة من المقال الذي نشره مدير جريدة عكاظ للشئون المحلية / فالح
الذبياني ، في العدد 16353 بتاريخ 3 رجب 1432هـ ، تحت عنوان " من يشتري
عبداً وجارية " ، فتراه يقول في ذلك المقال، وبالحرف الواحد ( الملك فيصل
هو من حرر العبيد... ، وهذا أيضاً ما يريد أن يقنعنا به الكثيرون كل يوم
،ممن ينتمون للمؤسسات الإعلامية ، ولكن هل أقرت الشريعة الإسلامية ذلك ،
وهل اعترفت به ؟ ...
السطحية والجهل المركب الذين وقرا في عقل ذلك الكاتب ، وعقول البعض من أمثاله تقول : نعم .
ولكن الشريعة الإسلامية قالت وما زالت تقول : لا ... ليس هذا معنى
العبودية .. فروح الشريعة الإسلامية لم تمت بعد.. ولم تتبدل شروطها
وأحكامها.. فمكانها محفوظ ..وصدري مفتوح لها.. ).

كما أن ما نستنتجه بعد قراءة وتحليل ذلك المقال ، أن غياب الفهم الشرعي
الصحيح لمعنى الرق والاستعباد عن عقلية الكاتب ، وعدم إدراكه لخطورة تلك
المخالفة الشرعية في نظر الخالق سبحانه ، ثم في نظر حكومة المملكة العربية
السعودية حفظها الله ، ممثله في شخص المغفور له بإذن الله الملك فيصل ـ
طيب الله ثراه ـ حينذاك ، هي المشكلة التي أدت إلى سوء فهم النصوص التي
جاءت في ثنايا ذلك القرار .
وليس من باب المبالغة ، فإن تلك العقلية ما هي، إلا أنموذجاً ومثالاً ،
لكثير من العقول التي غلب عليها طابع الأفق الديني الضيق، والبعد الشرعي
القاصر، والخواء الفقهي لمسألة الرق والاستعباد ، والتي قد ترتب على
استنتاجاتها، واجتهاداتها عبر التاريخ ، عدت أخطاء فادحة منها :
- إيجاد مفهوم جديد للرق والاستعباد ، وإيجاد آلية جديدة له، بخلاف ذلك
الذي جاءت به الشريعة الإسلامية ،من مفهوم، وأحكام، وقواعد خاصة بنظام
الرق ، التي شرعها الإسلام ، وأمر بالعمل و التقيد بها ، تجاه قضية الرق ،
والذي عرفوه أهل العلم شرعاً بأنه عجز حُكْمي يقوم بالإنسان سببه الكفر.
هكذا عرفوه (4) ، وذلك لأن الكفار تعبدوا لغير الله ، وعبدوا غيره ،
وصاروا عبيدا للشيطان.
- العمل من حيث عدم العلم بالخرافة اليهودية ،التي وردت في الكتب والأسفار
المحرفة لبني إسرائيل ،والتي تقول أن الله جعل جميع ذرية حام - ابن نوح
عليه السلام - خدماً لذرية أخويه سام ويافث ( 5 ) .
- نشوء ثقافة جديدة في المجتمعات الإسلامية ، بما فيها مجتمعنا السعودي ،
كانت بمثابة " ثمرة " لنشاط محلي سابق ، نبع من خلال ذلك الإنسان ،الذي حل
في محيط تلك البيئة المجتمعية ، وقد تمثلت تلك الثمرة الثقافية الخاطئة
،في حصر التعبير المجازي واللفظي، لكلمة عبد وجارية على ذوي البشرة
السوداء .
ولو توقف الأمر عند ذلك الحد، لكان الأمر يسيراً ، إلا أن البعض قد تجاوز
ما هو أبعد من ذلك ، فقد قام بوضع طابعاً شرعياً ، وصبغة إسلامية ، جازماً
ومعتقداً بصحتها ، بسبب سيطرة الفهم الخاطئ على عقليته ، التي جعل منها
عقلية مغلقة ، لا تعرف لمصطلح الاستعباد، إلا معناً واحداً فقط ، وهو حصر
ذلك المفهوم ، على ذوي البشرة السوداء أو السمراء .
كما أن ذلك الموروث اللفظي الثقافي، أستمر على تعاقبه و استخدامه كثير من
الأجيال ، جيلاً بعد جيل ، لدرجة أنه لم يقتصر تداوله واستخدامه على طبقة
العوام و الجهال فحسب ، بل أصبح يتداول من قبل بعض طلاب العلم الشرعي ، و
بعض رجال الدين المنتمين للمؤسسة الدينية ، أو ممن نطلق عليهم بالعامية (
مطاوعه )، أو ممن ارتدى بردائهم التقليدي ،والمحسوبين على رجال الدين ،
وهنا تكمن الخطورة ، وذلك لسرعة تأثيرهم على من حولهم ، من أفراد المجتمع
المحيطين بهم ، وهذه سمة ساذجة ، تميز بها أفراد المجتمعات العربية
المسلمة تاريخياً ، فهم يعتقدون بصحة جميع ما يصدر من أولئك القوم ، من
أقولٍ وأفعالٍ أو أعمال ، حتى ولو جانبوا الصواب أحياناً ، لبعض المسائل
الشرعية ، كمسألة الرق مثلاً ، وهذا ما يشهد عليه التاريخ .
ولذلك نلحظ أن كثير من رجال الدين الذين عاصروا تلك المخالفات الشرعية والإنسانية ، لم يقوموا بإنكارها ، إلا من رحم ربي.
كما أن استخدامهم البعض منهم ، لهذا التعبير المجازي الخاطئ قد أضاف أيضاً
بعداً شرعياً خاطئاً ، إلى أذهان وعقول أفراد مجتمعاتهم بكافة شرائحها ،
ليربط ويخلط ما يطلقونه من لفظ مجازي ، لكلمة " عبد أو جارية " تجاه ذوي
البشرة السوداء أو السمراء ، بالمفهوم الشرعي والديني الصحيح للرق
والاستعباد .
ويلاحظ أن كل ذلك يتم في ظل صمت وغياب الجانب التوعوي لوسائل الإعلام
والتثقيف والمجتمع بجميع مؤسساته ، والتي كان من الواجب عليها أن تقوم
بدورها التوعوي ، حيال ذلك، لتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة .

ولو تأملنا مبادئ الشرع الإسلامي نحو ذلك ، لوجدنا أن هناك أحاديث نبوية
شريفة قاطعة الدلالة في النهي عن الإساءة إلى العبيد ، وتحريم الاعتداء
عليهم بالقول أو بالفعل ، في حال كانوا عبيداً حقاً ، وتحت أيدينا ، وفق
ما جاءت به الشريعة الإسلامية من قواعد شرعية صحيحة و أحكام وشروط خاصة
بمسألة الرق ، أياً كان لونهم ، أبيض ، أو أسود ، أو أحمر ، من شرق الأرض
كانوا ، أو من مغربها .
وأما عن ناحية النهي بالاعتداء بالقول ، فقد نهى صلى الله عليه وسلم ملاك
الرقيق عن تذكير أرقائهم بأنهم أرقاء ، وأمرهم أن يخاطبوهم بما يشعرهم
بمودة الأهل ،وينفي عنهم صفة العبودية، وقال لهم في معرض هذا التوجيه: "
إن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم " (6)، وقال أيضاً صلى الله
عليه وسلم : " لا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي" (7 ) ، وهو
أيضا التعبير الوارد في الكتاب العزيز: فتى أو فتاة ( 8 )
فهي إذن مجرد ملابسات عارضة ،جعلت هؤلاء رقيقاً، وكان من الممكن أن يكونوا
سادة لمن هم اليوم سادة، وبذلك يغض من كبرياء هؤلاء، ويردهم إلى الآصرة
البشرية التي تربطهم جميعاً، والمودة التي ينبغي أن تسود علاقات بعضهم
ببعض.
وأما الاعتداء الجسدي فعقوبته الصريحة هي المعاملة بالمثل: " ومن قتل عبده
قتلناه.. " وهو مبدأ صريح الدلالة على المساواة الإنسانية بين الرقيق
والسادة، وصريح في بيان الضمانات التي يحيط بها حياة هذه الطائفة من البشر
، التي لا يخرجها وضعها العارض عن صفتها البشرية الأصيلة ، وهي ضمانات
كاملة ووافية، تبلغ حداً عجيباً لم يصل إليه قط تشريع آخر من تشريعات
الرقيق في التاريخ كله، لا قبل الإسلام ولا بعده، إذ جعل مجرد لطم العبد
في غير تأديب ، وللتأديب حدود مرسومة لا يتعداها ولا يتجاوزها على أي حال .
فهل هناك تكريم ورعاية لمشاعر النفس الإنسانية المبتلاة بالرق ،فما بالك
في تعميم هذا التعبير المجازي الخاطئ على العامة ، والذي يحمل في مضمونه ،
نوع من الإيذاء النفسي الغير مباشر تجاه الغير ، ومخالفة للآداب الإسلامية
والذوق العام ، لأناس ليس لهم ذنباً في ذلك ، إلا أن حكمته وإرادته سبحانه
قضت بأن تكون لون بشرتهم سوداء أو سمراء ،هذا من الجانب التوعوي الذي يقع
على عاتق وسائل الإعلام والتثقيف ومؤسسات المجتمع المدني .أما من الجانب
التوعوي الذي يقع على عاتق الفرد ، فإننا نجد أن الخجل من الخوض في توضيح
حقيقة هذا الأمر الشرعية، وتجنب ذلك ، كل هذا فيه نوع من المساهمة
والمشاركة الغير مباشرة ، في تدني مستوى الوعي التثقيفي ، والذي كان
بمثابة الحائل هو أيضاً ، الذي حال عن ذكر الحقيقة .
وهذا الخجل غالباً ما يكون سببه، إما عدم الإلمام بجوانب الموضوع من
الناحية الشرعية و الفقهية والتاريخية والاجتماعية ، أو الإفلاس المعرفي
والثقافي، المرتكز على أرضية الشريعة الإسلامية الصحيحة.

- ضياع أنساب كثير من أحفاد الموالي -أحفاد العبيد من ذوي البشرة البيضاء
– ، الذين كان الأصل في استعبادهم واسترقاقهم ، أنهم كانوا من أسرى الحروب
المشروعة ، في زمن الفتوحات الإسلامية ، ووفق ما جاءت به الشريعة
الإسلامية من قواعد شرعية و أحكام وشروط خاصة بمسألة الرق ، خصوصاً الذين
جلبهم المسلمين الفاتحين معهم من خلال الفتوحات الإسلامية التي خاضوها في
أوائل عصر صدر الإسلام الأول ، أو ما استتبعه من عصور إسلامية ، كالعصر
الأموي ، والعصر العباسي ، وقد ساهم في إطالة فترات هذا الضياع الذي أمتد
في بعض الأحيان لقرون أمرين وهما :

الأمر الأول : تأثير ثقافة المجتمع الخاطئة على البعض منهم، خصوصا
طبقة العوام ، وهم من شكل الفئة العظمى في السابق ، فهي من أوصتهم بأن لا
وجود للعبودية إلا في ذوي البشرة السوداء ، ولعلها لا تكون مبالغة عند
القول بأن هذا التأثير قد انتقل بالبعض منهم ، من مرحلة التأثير الثقافي
إلى مرحلة التأثير الإعتقادي ، ولذلك فقد كان لها دوراً أساسياً في أحداث
مسلسل هذا التوهان وهذا الضياع .

الأمر الثاني : استيطان هؤلاء الموالي لمناطق أهملت من التدوين التاريخي ،
وتدوين علم الأنساب ،الذي أمتد لفترات زمنية طويلة ، وخصوصاً في القرون
الخمسة الأولى للهجرة النبوية الشريفة.

ومن المناطق التي أستوطنها الموالي من ذوي البشرة البيضاء أيضاً الحجاز ،
وذلك حين أخذ الخلفاء العباسيين بتعيين ولاة من الأعاجم على مكة والمدينة
، كما جعلوهم أمراء للموسم والحج . فقد عين المعتصم قائده أشناس والياً
على الحجاز ، وكانت ولايته ولاية عقد دون مباشرة ، أو ما يسمى ولاية اسمية
فخرية . لم يكن له منها إلا الدعاء على المنابر . وعين بغا الكبير التركي
على أحداث الموسم سنة ( 230 هـ - 845 م ) والياً خاصاً على طريق مكة ، هو
المولى يحيى بن هرثمة .

ومن المناطق التي أستوطنها الموالي من ذوي البشرة البيضاء أيضاً منطقة عثر
، جنوب الجزيرة العربية ، أو ما عرف في السابق بمخلاف عثر أو المخلاف
السليماني ، حالياً منطقة جازان ) ( 9 ) ، فقد حكمه واستوطنه كثير من
العبيد من ذوي البشرة البيضاء - الموالي العتقاء - ، من بلاد الدولة
السامانية والغزنوية ( الباكستان وبخارى والري وبلاد ما وراء النهر والهند
الترك وغيرها.. ) ، من موالي بني مخزوم من بني طرف وموالي مواليهم ( 10) ،
وذلك بعد أن حققوا قدراً ملحوظاً من الإستقلال ( 11 ) ، وقد خولهم ذلك
الاستقلال إلى سك أسمائهم جنباً إلى جنب مع الخلفاء العباسيين ( 12 ) ،
وهو تقليد لا يخول إلا لكبار الولاة في الولايات الرئيسية ، وليس في
الأقاليم الصغيرة التابعة لتلك الولايات .

ولهذا التخويل قصة تاريخية وحكاية ، تعود بداية فصولها ، عندما أصيبت
العصبية العربية بحالة من الوهن ، فقد تزوج أحد سادة بني مخزوم وهو -عيسى
بن محمد بن المغيرة المخزومي - ، من ابنت
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

طرف المخزومي - مولى بني مخزوم -
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وذلك طبقاً لما يذكره ابن حزم ( 356هـ ) الذي يقرر هذه الحقيقة بقوله : (
وكان طرف ، مولى عيسى ، وجد أبي المغيرة ، وابنه الحسن بن طرف خال أبي
المغيرة ) ( 13 ) .

وقد توارث بنو طرف موالي بني مخزوم ، حكم مخلاف عثر توارثاً سياسياً ، في
أسر محلية أو غير محلية لنوفذها . بدئاً بالأمير أبو علي محمد بن القاسم ،
الذي وجد أسمه ممهوراً على أحد عشر ديناراً مؤرخة بين سنتي 346هـ و 359
هـ، ( 14 ) ، يوجد بعضها في مؤسسة النقد ، وهو الذي ورد ذكره في محاولات
والي مكة التصدي لعلي بن الفضل ، أحد زعيم الدعوة الإسماعيلية باليمن في
ذلك الزمن ، وذلك عندما احتل زبيد ، وهدد جميع التهائم بطغيانه وجبروته(
15 ) .
ويعتقد أن محمد هذا خلف والده القاسم في إمارة عثر، مروراً بالأمير أبو
القاسم علي بن محمد بن القاسم ،الذي ظهر اسمه أيضاً على دينار يحمل تاريخ
368هـ ( 16 ) ، ووصولاً إلى بعض الأسر ، بمدينة عثر نفسها عاصمة الإقليم
(17) ، وهي الآن في حكم المندثر ، ولم يبق منها إلا تلول أثرية، تقع على
ساحل البحر بالقرب من قرية قوز الجعافرة ، و أصبحت في الوقت الحاضر علماً
على كامل المكان بما في ذلك موقع عثر نفسها. بالإضافة إلى بعض الأسر
بمدينة المنارة (18 ) بوادي جازان ،والتي تعتبر هي الأخرى في حكم المندثر
،وهي خالية تماماً من أية سكنى .

ومن المناطق التي أستوطنها الموالي من ذوي البشرة البيضاء أيضاً منطقة المراغة ومنطقة القصيم ،من موالي بني مخزوم .

ومن الموالي من ذوي البشرة البيضاء أيضاً ، موالي بني أسد بن خزيمة ، منهم
موالي الصحابي الجليل عكاشة بن محصن الأسدي ، وموالي مواليهم ، والذين قد
تربطهم ببني طرف موالي بني مخزوم ومواليهم أو موالي مواليهم ، رابطة مكان
الأصل ، ونقاط الانطلاق، وصلة التاريخ ،فضلاً عن الرابط الديني والمذهبي
الذي لعب دوراً هاماً في العلاقات بين الدولة العباسية والدولة السامانية
والدولة الغزنوية ، والذي تزامن ظهوره زمن الفتوحات الإسلامية .
و انتشر الكثير من بني طرف ، موالي بني مخزوم ، من ذوي البشرة البيضاء ،
وموالي بني أسد بن خزيمة ، وتكاثروا مع الزمن ، في مخلاف عثر، المشتمل على
مدن وقرى واسعة وأودية مباركة ، وأقاموا جنباً إلى جنب مع أبناء العتره
الحسنية الشريفة بطون وفروع ، ومع أبناء بنو الحكم بطون وفروع ، وغيرهم من
القبائل العربية ، ما بين قحطانية وعدنانية ، وقد كان الكثير منهم من أهل
الاستقامة على الشريعة المحمدية ، وفيهم الكثير من العلماء والأولياء
الصالحين .

ومن المناطق التي أستوطنها الموالي من ذوي البشرة البيضاء بغداد، وذلك حين
استقدم الرشيد أفواجاً من رقيق الترك ، ممن جلبهم من بلاد ما وراء النهر
لتجنيدهم ، ليجعل منهم قادة ورؤساء ، والذين اشتد بأسهم في عهد المعتصم .
وقد كان من أشهرهم وصيف وبغا وأشناس والأقشين وغيرهم ، فكانت لهم الكلمة
النافذة في سياسية الدولة . وقد أهاج الناس تدفق الأتراك على بغداد . و
برموا بهم وضاقوا بما أصابهم من أذاهم . واضطر المعتصم أن يخرجهم من بغداد
، وأن يبني لهم مدينة سامراء وينقلهم إليها . وانطلقت نفس شاعر عربي كبير
بهجاء المعتصم فهجاه هجاء لاذعاً بقصيدة يقول فيها :
ملوك بني العباس في الكتب سبعة ولم يأتنا عن ثامن لهم كتب
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة غداة ثووا فيه وثامنهم كلب
وأني لأزهي كلبهم عنك رغبة لأنك ذو ذنب وليس له ذنب
لقد ضاع أمر الناس حيث يسوسهم وصيف وأشناس وقد عظم الخطب
وإني لأرجو أن ترى من مغيبها مطالع شمس قد يغص بها الشر
وهمك تركي علية مهانة فأنت له أم وأنه له أب

وبالعودة إلى صلب الموضوع ، فإننا لو نظرنا نظرة المتأمل الباحث عن
الحقيقة في ثنايا ذلك القرار ، فضلاً عن الرجوع إلى قواعد الشريعة
الإسلامية الصحيحة المتعلقة بهذه المسألة يلاحظ ما يلي :
الأمر الأول: أن النص جاء واضحاً وصريحاً في ذلك القرار، يفيد بأنه لا
توجد ولا تتوفر الشروط الشرعية الإسلامية التي توجب الرق ، فلماذا القول
بأن الملك فيصل المغفور له بإذن الله هو من حرر العبيد ؟! ، ولماذا ننعتهم
و نصر على تسميهم بالعبيد ؟!

لعلها الفوضى الفكرية، التي سيطرت على عقول البعض ، ممن نشئوا وتربوا
تربيتاً ثقافياً خاطئة منذ صغرهم في محيط كلاً من الأسرة والمجتمع ، على
ممارسة واستخدام ذلك التعبير المجازي الخاطئ .
تلك الفوضى جعلت تلك العقول تقفز إلى الاستنتاجات قفزا ، قائلتاً أن الملك
فيصل هو من حرر العبيد ، دون تقصي الأسباب التي أدت إلى إصدار ذلك القرار
، أو حتى على أقل تقدير، فهم ما جاء في ثناياه من نصوص فهماً شرعياً
صحيحاً.

فالملك فيصل ـ طيب الله ثراه ـ لم يحرم ذلك ، ولو كان الأمر شرعياً ،
مستكملاً شروطه وأحكامه الإسلامية الصحيحة والفقهية التي أوجبها الله ،
لكان هو أول من أقره ، فهو رجل دين ، وهو أمة بأسرها في رجل ، ولكن حقيقة
ما كان حاصلاً حينها، هو استغلالاً لرقاب الأحرار .
وهنا يلزم توضح ذلك ، لنفرق من الناحية الشرعية والفقهية بين ما قرره
الإسلام وما جرى عليه المسلمون من جراء الفهم الخاطئ لمعنى العبودية
سواءاً في مجتمعنا السعودي في السابق، أو في بعض المجتمعات الإسلامية
والعربية التي وقعت في مثل ذلك الخطأ.
ففي فجر العصر الإسلامي الأول استقبل المسلمون الرقيق والعبيد والجواري من
خلال الفتوحات الإسلامية ، التي تزامن ظهورها مع بداية نشأة الدعوة
الإسلامية التي كانت خطاباً لكل الأمم ، دعوة صريحة للعربي ، والأعجمي ،
والأبيض ، والأسود على السواء .
وقد استتبع هذه الدعوة الشاملة قبول من بعض الأمم المجاورة ، ورفض من
بعضها الآخر ، واستتبعها أيضاً قيام الصراع المسلح بين أتباع الدعوة
الجديدة وخصومها من الروم والفرس والترك وغيرهم ، خاض بموجبها المسلمون
حروباً إسلامية مشروعة ، شرعها لهم الله عز وجل وفق مبدأ رباني ، لا قهر
فيه ولا تسلط ، ولا يتصور أن الله قد شرع الحرب لإجبار الناس وإكراههم على
الإسلام والاعتقاد به ، لأن الاعتقاد شيء معنوي - في القلوب- وهي أوعية
إنسانية خفية ، قال تعالى ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) (
17 ) .

ومن الطبيعي، فلا تكاد تخلوا حرب من غالب يحوز الأرض أو المال أو الأنفس
أو هذه جميعاً ، بما يسمى- الغنائم - ، ومغلوب يفقد هذه الأشياء أو بعضها
، والمقصود بالأنفس هنا هم الأسرى ( 18 ).
والأسرى إذا كانوا من هذه الغنائم ، فإن نظرة الإسلام إليهم تختلف باختلاف
ملابسات كثيرة تحيط بهم ، وتجعل لهم قواعد مستمده من مبادئ الإسلام ، و
أحكاماً خاصة بهم ، وفق إطار الفقه الإسلامي ، هذه النظرة تختلف عن أحكام
سائر الغنائم ، يتحدد في ضوئها مصيرهم ، وتقرر فيها حقوقهم و واجباتهم .
ولقد لخص جمهور الفقهاء مصائر الأسرى بعد سيطرة الدولة الإسلامية عليهم في
أمور أربعة هي : المن عليهم والعفو عنهم ، أو مفاداتهم على مال أو أسرى ،
أو استرقاقهم وسريان أحكام الرقيق عليهم أو قتلهم .
وعرضوها أحياناً بشكل يختار الإمام بينها ، وفاضلوا أحياناً أخرى ، بين
واحد منها والآخر ، وألغى بعض الفقهاء واحداً أو أكثر من هذه المصائر ،
ليحددوا مصير الأسرى فيما أبقوه دون ما ألغوه .
ولقد كان التصرف في أسرى بدر ، هو الأساس الذي بنى عليه الفقهاء أحكامهم
في أسرى الحروب الإسلامية بوجه عام ، لأن هذه الغزوة كانت السابقة الأولى
في تاريخ الحروب الإسلامية ، ولأن عدد من وقع فيها من الأسرى كان من
الضخامة بحيث يتطلب تقنين الأحكام ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم ،
معلم البشرية ، هو الذي كان يحكم في أمر هؤلاء الأسرى ، وحكمه تشريع يستمد
منه الفقه وأحكامه ، يقول ابن كثير في تفسيره : وقد استمر الحكم في الأسرى
عند جمهور العلماء أن الإمام مخير فيهم : إن شاء قتل ، وإن شاء فادى بمال
، وإن شاء استرق من أسر( 19 ) ، ثم تنسحب أحكام أسرى بدر على سائر الغزوات
.

وحين تحدث الفقهاء عن التخيير في الأسرى ، جعلوا هذا التخيير بين المن
والفداء والاسترقاق والقتل . والمن والفداء قد وردت فيهما آية صريحة هي
قوله تعالى : ( فإما منا بعد وإما فداء ) ( 20 ) . وذهب بعضهم إلى حصر
مصير الأسرى في هذين الاثنين فقط ، ولا ثالث لهما . ولقد جاء في تفسير:
لما كنا مخيرين في الأسرى بين إطلاقهم بغير مقابل والفداء بهم ، جاز أن
يعد هذا أصلاً شرعياً لإبطال استئناف الاسترقاق في الإسلام ، فإن ظاهر
التخيير بين هذين الأمرين ، وأن الأمر الثالث الذي هو الاسترقاق غير جائز
لو لم يعارضه أنه الأصل المتبع عند كل الأمم . والقتل أيضاً لم يرد في آية
تدل دلالة صريحة عليه ، إلا ما ذهب إليه بعضهم في قوله تعالى ( ما كان
لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ) ( 21 ) من أنها تدعو إلى قتل
الأسرى ، وتنهي عن قبول الفداء فيهم .
أما الاسترقاق والاستعباد فإنه لم يرد في القرآن مطلقاً كحكم من أحكام الأسرى ، ولم ترد آية تدعو إليه أو حتى تبيحه .
كما أنه من غير المتصور أن يدعوا القرآن إلى استرقاق واستعباد الأحرار وإن
كانوا أسرى ولو في آية واحدة ، وهو الذي يدعو إلى فك الرقاب وتحرير
الأرقاء في أكثر من آية .

[size=21]فمن أين جاء جواز استرقاق الأسرى وجعله بعض الفقهاء حكما من أحكامهم ؟

الواقع أن نصوص القرآن كانت أميل إلى منعه من إباحته ، والنبي كذلك لم
يقره ولم يمنعه ، وبقى الأمر فيه لما يقضي به قانون المعاملة بالمثل .
فإن كان الأعداء يسترقون ، كان للمسلمين أن يسترقوا ، ويكون من أكبر
المفاسد والضرر أن يسترقوا أسرانا ونطلق أسراهم ، وإن كانوا لا يسترقون
فلا يحل للمسلمين أن يسترقوا ، لأن ذلك يكون اعتداء وهو منهيون عنه .
وقوله تعالى : ( فإما منا بعد وإما فداء ) ،ليس نصاً في الحصر ، ولا
صريحاً في النهي عن الأصل ، فكانت الدلالة فيه على تحريم الاسترقاق غير
قطعية ، فبقى حكمه محل اجتهاد ولي الأمر ، إذا وجدوا المصلحة في إبقائه
أبقوه ، وإذا وجدوا المصلحة في ترجيح المن عليهم بالحرية - وهو إبطال
اختياري له - أو الفداء عملوا به .
وقد ذهب رأي إلى أن معيار الإباحة أو التحريم يكمن في مبادئ الأخلاق ، فكل
معاملة بالمثل ستستهجنها هذه المبادئ ، تعد محرمة قانوناً .
وذهب رأي آخر إلى أن المعيار المشار إليه ،يكمن في قاعدة القانون الوضعية
، فالمعاملة بالمثل التي تخالف القاعدة الوضعية وحدها هي المعاملة بالمثل
المحرمة قانوناً .وإذا وضعت بعض القيود على المعاملة بالمثل في القانون
الدولي ، فإن الإسلام أحرى بتنظيم هذه المعاملة وتقييدها وهو الذي يوصينا
بالسمو بقيمنا وبمبادئنا .
ولقد كان استرقاق الأسرى هي الحالة الوحيدة فقط التي أخذ فيها المسلمون
بمبدأ المعاملة بالمثل، ولكن لم يدخل تحت هذا المبدأ إساءة معاملة الأسير
أو إهدار إنسانيته .

وبالروم في الغرب في عصر الصحابة ، كان استرقاق الأسرى نظاماً متبعاً في
الحروب بالذات ، وقد أسروا فعلاًُ من المسلمين واسترقوهم وباعوهم ، فاضطر
قواد المسلمين والفاتحين إلى السير على سنة المعاملة بالمثل ، ولم يجدوا
نصاً صريحاً قوياً يمنع من الاسترقاق والاستعباد ولا نصاً صريحاً ينهى عنه
( 22 ) . ولم يكن ممكناً أن يطبق الإسلام النص العام : ( فإما منا بعد
وإما فداء ) ، في الوقت الذي يسترق أعداء الإسلام من يأسرونهم من المسلمين
، وإنما وقع الاسترقاق لمواجهة حالات قائمة لا تعالج بغير هذا الإجراء ،
فإذا حدث أن اتفقت المعسكرات كلها على عدم استرقاق الأسرى ، فإن الإسلام
يرجع حينئذ إلى قاعدته الإيجابية وهي ( فإما منا بعد وإما فداء )، لانقضاء
الأوضاع التي كانت تقضي بالاسترقاق ، فليس الاسترقاق حتمياً ، وليس قاعدة
من قواعد معاملة الأسرى في الإسلام .
ولا يتنافى مع مبدأ العدالة أن يعامل المسلم مع من يعتدي عليه بمثل ما
يعامله ذلك المعتدي ( 23 ) ، وإنه بسبب تطبيق هذا المبدأ أبيح الرق في
أضيق الحدود .
وعلى هذا فإن من تم استغلالهم تحت مسمى العبودية ، في زمن المغفور له بإذن
الله الملك فيصل يعد باطل ( 24 ) ، وكذلك الاسترقاق المعهود في هذا العصر،
والذي يقع في بعض الدول ، فهو أيضاً يعد باطل ، والتسري بالنساء اللاتي
يختطفهن النخاسون أو يبيعهن التجار ليس من التسري الصحيح في الإسلام ، بل
عصيان لله ولرسوله ( 25 ) . ولكن الذين نسبوا الاسترقاق إلى الإسلام ،
وادعوا زوراً أنه دين يدعوا إلى استرقاق الأسرى ، وفتح أسواق للعبيد ،
يبدوا أنهم نفذوا إلى دعواهم هذه من كثرة الفتوحات الإسلامية ، وما
استتبعها من وقوع الأعداد الهائلة من الأسرى في أيدي المسلمين ، ولم
ينظروا إلى أن هؤلاء الأسرى ،وإن كانوا يعاملون معاملة المثل ، إلا أن روح
الإسلام كانت تفرض على المقاتلين المسلمين حسن معاملتهم ،وعدم تعريضهم لما
يتعرض له الأسرى المسلمون من العذاب والتنكيل .

يقول الأستاذ / أحمد أمين : لما كثرت الفتوح كثر الاسترقاق من الأمم
المفتوحة كثرة هائلة ، ووزع المسترقون رجالاً ونساء وذراري على العرب
الفاتحين ) ( 26 )
ويفرق بعض الفقهاء بين العربي ، والعجمي ( 27 ) في الاسترقاق فيقول
الصنعاني: كل عربي مكلف من الكفار لا يسترق ، وأما العجمي فإنه يسترق ،
سواءاً أكان كتابياً أو وثنيا ، وإنه لا يقبل من العربي إلا الإسلام أو
السيف، إن لم يقبل الدخول في الإسلام ، ولا يجوز أن يسبى ويملك ( 28 ) ،
وقد استدل محمد بن الحكم على جواز استرقاق العرب بتخيير الرسول صلى الله
عليه وسلم وفد هوازن بين السبي أو المال ( 29 ) ، وفي سبايا بني المصطلق
وزواجه من جويرية بنت الحرث ( 30 ) .
وقد قال ابن الحكم : لا أذهب إلى قول عمر ( ليس على عربي ملك ) ، وقد سبى النبي صلى الله عليه وسلم في غير حديث .
وقد ذهب الجمهور إلى جواز استرقاق العرب ، وحكي عن أبي حنيفة أنه لم يقبل
من مشركي العرب ، إلا الإسلام ، أو السيف استدلالاً بقوله تعالى : فإذا
انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ( 31 ). ولأن ترك
القتل بالاسترقاق في حق مشركي العجم للتوسل إلى الإسلام ، ومعنى الوسيلة
لا يتحقق في حق مشركي العرب ( 32 ) . وأما النساء والذراري منهم فيسترقون
كما يسترق نساء مشركي العجم وذراريهم وهم من صميم العرب( 33 ) .
وعند الشافعي يجوز استرقاق العرب ، لأن الاسترقاق حكم لكفر ، وهم في الكفر سواء فكانوا في احتمال الاسترقاق سواء( 34 ) .
وقد فتح الصحابة أرض الشام وهم عرب ، ولم يفتشوا العربي من العجمي ، بل سووا بينهم ( 35 ) .
والواقع أنه إذا جاز استرقاق الأسرى عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل الذي
سبقت الإشارة إليه ، فإنه لا مجال للتفريق في ذلك بين العرب والعجم ، ولا
تختص الأحكام بفريق منهم دون فريق .
ولقد وضع الإسلام قيوداً على رق الحرب ، كان من أهمها أنه حرم فرض الرق
على الأسرى في حرب تقوم بين فريقين من المسلمين ( 36 ) ،ومن ثم فإن الموقف
من هذين الفريقين من المسلمين يتلخص في صلح بحق دمائهم ، أو قتال يكف
عدوان المعتدين منهم ، ولا يترتب على ذلك أسر كأسر الحرب ، ولا استرقاق
كاسترقاق المحاربين .

ومن هذا يتضح أن مصدر الرق والإستعباد
الشرعي ، هو الأسر في حرب ضد الكفار ، وأن الرق ليس أصلاً في الإسلام ،
وأن استرقاق الأسير ليس حكماً من الأحكام المقررة له ، ولا تلجأ الدولة
الإسلامية إليه إلا إذا كان معاملة بالمثل .


ومن الملاحظات الجميلة التي نلحظها في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وزمن أصحابه الكرام رضوان الله عليه أجمعين ، هو اندماج هؤلاء العبيد ،
سواءاً كانوا من العرب أو العجم ، من البيض ، أو السود ، أو الحمر على
السواء ، في الأسرة الإسلامية واﻟﻤﺠتمع الإسلامي ، وكيف أنهم نعموا بإخاء
المسلمين ، وولائهم وعاشوا معهم في ظل الإيمان تربطهم عصبية الإسلام ، لا
يشعرون بعلو عليهم ولا سلطان. وكانت هذه الظاهرة من أبرز ما يتميز به وضع
الموالي في تلك الفترة .

غير أن ظاهرة أخرى ما لبثت أن برزت بعد انقضاء عهد الطبقة الأولى من
المسلمين ، و انثلام حصن تعاليم الإسلام ، هذه الظاهرة هي ترك ما قرره
الدين الإسلامي من شروط وتعاليم وأحكام توجب الرق والاستعباد ، وتحول
المسلمين إلى مفهوم جديد لمعنى العبودية ، وممارسة خاطئة له ، هذا المفهوم
والذي ولد من رحم الجهل المركب ، هو إلصاق العبودية بذوي البشرة السوداء
أو السمراء ، الأمر الذي أدى إلى خطف بعضهم ،والغدر بالبعض بحجة إيجاد
حياة كريمة لهم ، تنقذهم من شبح الفقر ، أو إكراه وإرغام البعض الآخر، على
تقمص أدوار العبيد والجواري ، وقد حقق العلماء الربانيون هذه التجاوزات ،
واستطاعوا تعليلها على أساس من الشرع ، لا على أساس الجهل والتصورات
الرديئة التي سيطرت على بعض العقول ، ومن هؤلاء العلماء الشيخ عبد الله بن
عبد الرحمن الجبرين رحمه الله ، الذي وضح بعض الأمور حول أولائك ( 37 ) ،
ومن بعض ما ذكره الشيخ ما يلي نصه :
" في القرن الماضي، في أول القرن الرابع عشر وفي آخر القرن الثالث عشر كان
هناك أناس يسرقون بعض الأطفال، ويبيعونهم على أنهم مماليك، يأتون إلى بعض
البلاد التي فيها شيء من الجوع ونحوه، كالسودان أو الحبشة، وتلك البلاد،
ثم يستدعون بعض الأولاد الذي في سن العاشرة والحادية عشر، ويختطفونه
يطعمونه ويكسونه، ويقولون: اذهب معنا ونحن نطعمك ونعطيك ونحو ذلك، يذهب
معهم ويعتقد أنهم سوف يحسنون إليه، فيأتون إلى هذه البلاد ويبيعونه على
أنه مملوك ".

يتبع نص الشيخ :
" وكثر بيع هؤلاء الذين ليسوا مماليك؛ وإنما هم أحرار، فلما كثر بيعهم
وقَلَّ أو انقطع الجهاد من عشرات السنين رأت الحكومة في هذه البلاد أن
أكثر هؤلاء المماليك ملكيتهم ليست صحيحة، وأنهم مظلومون، وأنهم قد بِيعُوا
وهم أحرار، فرأتْ الحكومة تحريرهم في سنة ست وثمانين، وصدر الأمر بتحرير
كل الرقاب الموجودين في المملكة، وتعويض أهاليهم عنهم، ولو كان عند أحدهم
عشرة أو عشرون إذ دفعت الحكومة قيمهم وتحرروا، ولم يبقَ في هذه البلاد
أرقاء، ولكن إذا حصل قتال مع الكفار، ثم حصل الاستيلاء على سبيهم فإن الرق
يعود، وهذا هو الأصل؛ لأن أصله الاستيلاء على سبي المشركين؛ أطفالهم
ونسائهم ونحو ذلك" ،انتهى نص الشيخ .

وتجدر الإشارة إلى إن أغلب أولائك من المسلمين الفقراء من أفريقيا و آسيا
، في زمن توقفت فيه الفتوحات الإسلامية ،و خفت فيه الصرامة والرقابة على
الشروط الإسلامية ، في كثير من المجتمعات الإسلامية ، بما فيها مجتمعنا ،
ومع ازدياد واتساع رقعة التجاوزات الشرعية ، و تزايد الشكاوى التي بلغت
المغفور له بإذن الله الملك فيصل ، من أولائك الذين تم استغلالهم ، وهم في
الأصل أحرار ، الأمر الذي لفت انتباهه ، وكان لا يسعه إهماله ، وتحركت
لأجله كوامنه و استيقظت له ضمائر العلماء ورجال الدين وأهل الحل والربط ،
ولذلك فقد أصدر ذلك القرار ، والذي بموجبه تم وضع النقاط على الحروف ،
وأعاد ضبط نظام الرق والاستعباد في المجتمع السعودي ، لما كانت عليه الأمة
الإسلامية ، من نظام شرعي صحيح في فجر عصر الإسلام الأول ، وأعاد المفهوم
الصحيح لمعنى الرق ، وأوضح أن للرق أحكام وشروط إسلامية وأسس فقهيه ، وأن
ما كان سائد هو مخالف لما شرعه الله ، وأن من تم استغلالهم تحت مسمى
العبودية في تلك الفترة ، هم في الأصل أحراراً ، وذلك بموجب ذلك القرار
فضلاً عن الحديث القدسي الذي رواه الإمام البخاري رضي الله عنه أن الرسول
صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة
، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حُرَّاً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً
فاستوفى منه ولم يعطه أجره" ( 38 ) . وكَوْن من يفعل ذلك خصماً لله يعني
الخسران المبين .
هذا القرار لا يعني أن جميع ذوي البشرة السمراء أو السوداء المنتشرين في
العالم العربي وخصوصاً جزيرة العرب، كانوا من الذين نالهم ذلك الاستغلال ،
بل يوجد منهم من هم أبناء لقبائل عربية أصيلة، استمدوا لون البشرة السمراء
أو السوداء من أحدى الجدات أو الأمهات بسبب زيجة قديمة تمت ، ومنهم من
تداخل مع بعض القبائل العربية كحليف أو جار أو لاجئ أو صاحب مهنة ، أو
طالباً للرزق والمعيشة ، فنشئ على إثر ذلك التداخل نوع من العلاقات
والروابط القبيلة ذات الأصل الشرعي، التي تنشأ بين فرد وفرد أو فرد و
قبيلة أو فخذ أو عشيرة ، أو تنشأ بين جماعة من قبيلة أو فخذ أو عشيرة ، و
جماعة أخرى من قبيلة أو فخذ أو عشيرة ، وتكون هذه العلاقات لا علاقة لها
بالرق والاستعباد إطلاقاً ، ومن الأمثلة على هذه العلاقات والروابط ،
الإمام البخاري ، فقد كان أبوه مجوسياً قبل أن إسلامه ، ثم أسلم على يد
قوم من قبيلة جعف العربية ، فأصبح أسمه البخاري الجعفي نسبة إلى قبيلة جعف
العربية ، والولاء هنا هو ولاء إسلام ، لإسلام أبيه على يد قبيلة جعف
العربية ، فهو هنا لم يكن عبداً أو مولى عتق ، كما يضن البعض ، أو يسئ
الضن ، ممن لا دراية لهم ولا فهم بأنواع هذه الروابط الشرعية ، كذلك الحال
عندما يلجأ فرد من قبيلة إلى قبيلة أخرى بسبب دم أو بسبب حدوث خلاف مع
أبناء قبيلته، فقد يترك أسم قبيلته الأصلية حاملاً اسم القبيلة الجديدة ،
فيذبح في بداية الأمر ما يعرف في العرف القبلي بشاة الغرم عند القبيلة
الجديدة ، طالباً في ذلك الانضواء تحت لوائها ( 39 ) وفي حال الموافقة على
طلبه ، والذي قد يعد مكسباً في بعض الأحيان ،بسبب شجاعته أو قوته أو أي
ميزة أخرى ، يصبح هذا الشخص وكأنه فرد من أبنائها له ما لهم، وعليه ما
عليهم ،مع فارق بسيط في بعض الأمور، بسبب العصبة التي تقل نسبياً عن عصبة
أبناء القبيلة الذين تجمعهم رابطة الدم ، ومع مرور الوقت، قد ينخرط هذا
الفرد ،والأجيال التي تأتي من عقبه ،بشكل كلي مع أبناء القبيلة الجديدة،
لدرجة أنه قد ينسى النسب الأول بقصد أو بغير قصد ، أو يعود لقبيلته الأولى
، والأمثلة على هذا النوع من العلاقات كثيرة جداً ، وخصوصاً في القبائل
العربية .

أيضاً ومن الأمثلة عن أولئك من ذوي البشرة السمراء الأحرار، الذين لم
يتعرضوا للاستغلال ، هو قدوم البعض منهم للجزيرة العربية منذ مئات السنين
بقصد الحج أو العمرة ، أو التجارة ، لا سيما وأن الإسلام قد انتشر في
القرن الإفريقي منذ بداياته ( 40 ) ، أو بسبب تأثر بعضهم بالتجار العرب
الذين استمالوا وأسرو قلوبهم ، بالأخلاق الإسلامية النبيلة والآداب
الرفيعة ، في فترات تعامل العرب معهم تجارياً . فبعد قدومهم بقوا في
الحجاز، وقد انتشروا في المدينة المنورة ومكة المكرمة . وكما هو معلوم عبر
التاريخ ، أنه في عام 145هـ /762م حصل ما يعرف بثورة السودان في المدينة
المنورة ، غطا المهتمون من الباحثون والدارسون بدراساتهم أحداثها وهوية
أصحابها ، وأوضحوا من خلال تلك البحوث أمور في غاية الأهمية ، ليست مما
يندرج تحت موضوع هذه الدراسة ، ولا يمنع هذا أن أورد بشكل موجز وسريع
بعضاً من نتائج تلك الدراسة التي تم نشرها في رسالة علمية بجامعة الملك
سعود ، تحت عنوان " ثورة السودان في المدينة المنورة " ( 41 ).
فقد وضح في مقدمة البحث العلمي ، تفاصيل ثورة السودان ، وجرى التنويه على
ضرورة التعرف على ما ذكرته المصادر حول السودان والعبيد ، بنوع من التفصيل
الدقيق والتعريف ، وذكر بأن هناك فرقاً بين هاتين التسميتين ، تعود إلى
طبيعة الاختلاف بينهما. فالعبيد هم ما كانوا تحت العبودية لأسيادهم ، بشرط
صحة الأصل الشرعي مع توفر الشروط الشرعية اللازمة التي توجب ذلك ، وقد
يكون منهم الأسود والأبيض ، فهناك العبيد البربر ، و الصقالبة ، والأتراك
والفرس .

كما جرى التنويه أيضاً بالقول " أما السودان فلعل تسميتهم تعود إلى لونهم
الأسود وهم على ثلاثة أصناف ، فهناك الحبش والنوبة والزنج .أما وضعهم
الاجتماعي ، فهم من الأحرار، وقد ذكر أيضاً في البحث ذاته ، أنه يغلب على
من قاموا بالثورة التي سميت باسمهم في المدينة المنورة من السودان الأحرار
( 42 ) ، ذلك لأنهم كانوا يشكلون جماعة لها رؤساؤها وتنظيمها ، ولهم
طريقتهم الخاصة في التجمع ، تعارفوا عليها ولو كانوا تحت الرق لما
استطاعوا أن ينضووا تحت تنظيم معين ، وأن يكون لهم رؤساء ـ ويستدعون من
قبل رؤسائهم حين الحاجة ، فيأتمرون بأمرهم ، ويقدمون إليهم بالسرعة
اللازمة ( 43 ).
كما ذكرت أيضاً أن تلك الثورة " ثورة السودان في المدينة المنورة " هي
إحدى الثورات الاجتماعية التي نشبت في العالم الإسلامي وهي من أوائل
الثورات ( 44 )، و ذكر أيضاً "أنهم كانوا كثرة ،وقد بقوا بعد تلك الثورة
،في المدينة المنورة ومكة المكرمة والمناطق المحيطة بها " ( 45 )، ، ومما
لا شك فيه أنهم قد تكاثروا ،وأزداد عدد نسلهم بحكم قدم الفترة الزمنية
والتي تعود إلى ما قبل 145هـ ، أي منذ ما يقارب ألف ومائتان وسبة وثمانون
عاماً ، 1287 سنة.
وهذا هو المبدأ والمنهج الصحيح ، الذي من الواجب الأخذ به، وبمبادئه
العلمية المبنية على أسس ومصادر علمية صحيحة ، فضلاً عن الأخذ بمبادئ
الشرع والفقه الإسلامي الصحيح ، وذلك عندما يهم أي كاتب أو باحث أو مفكر،
لخوض دراسة علمية، أو الكتابة حول موضوع ، أساس مادته تشمل جوانب عدة (
شرعية – اجتماعية – حقائق تاريخية ) ،لا أن يأخذه جزافاً و سبهللا ، ليؤثر
سلباًً على عقول وثقافة شريحة كبيرة من القراء ، والمتلقين.

الأمر الثاني : عدم مشروعية المصدر - المصدر- الذي تنطلق منه ظاهرة الرق
والاستعباد في الدين الإسلامي ، لأن معظم من استغلوا كان مصدرهم إما الخطف
أو الإكراه أو الغدر ، وأن الأصل الشرعي الصحيح في ذلك كما أشرت سابقاً ،
هو وقوع أسرى في يد المسلمين ، في حرب مشروعة ضد الكفار ، هذا هو المصدر
الوحيد المتاح فقط ، كما أن الإسلام لم يترك الأسرى لهوى الآسرين بل وضع
الأمر كله في يد خليفة المسلمين وإمامهم .

الأمر الثالث : أن معظم من وقعوا في تلك المخالفة الشرعية ، سواءاً ممن
تقمصوا دور السادة، أو ممن تقمصوا دور العبيد والجواري ، قد أحدثوا شبهه
من حيث لا يعلمون ، وهي من ضمن الشبهات التي أحدثت حول الإسلام ( 46 ) .

وباعتبار أن الدولة حماها الله ممثله حينها بشخص الملك الإنسان المغفور له
بإذن الله الملك فيصل بن عبد العزيز طيب الله ثراه، هي إمام المسلمين لهذا
البلد ، وبيدها وبيد رجال الدين الحل والربط ، فقد حملت على عاتقها وضع
حداً لتلك التجاوزات ، ودفع الضرر عن أولائك الأبرياء ، وعمدت إلى تعويض
أهاليهم عنهم ، ولو كان عند أحدهم عشرة أو عشرون إذ دفعت الحكومة قيمهم
حفاظاً على حقوق أصحابهم ، هذا لا يعني أنهم عبيداً أو أرقاء ، وإنما
لتعود الأمور إلى نصابها .

قضية العبد الأبيض .. والحر الأسود .. ضعف الطالب والمطلوب ..

إن المنهج الصحيح هو عرض حقائق الإسلام ابتداءً لتوضيحها للناس، لا رداً
على شبهة ، ولا إجابة على تساؤل في نفوسهم نحو صلاحيته أو إمكانية تطبيقه
في العصر الحاضر، وإنما من أجل " البيان " الواجب على الكتّاب والعلماء
لكل جيل من أجيال المسلمين ، ثم لا بأس - في أثناء عرض هذه الحقائق - من
الوقوف عند بعض النقاط التي يساء فهمها أو يساء تأويلها من قبل الأعداء أو
الأصدقاء على حد سواء .
ومن النقاط التي وجب الوقوف عليها هي أحداث هذه القصة .
فمنذ ما يقارب الأربعين عام ، حدثت واقعة قتل ، أقد فيها رجلاً أسود البشرة ، على قتل آخر ابيض البشرة ، وذلك اثر نزاع نشب بينهما .
وعندما أراد القضاء تنفيذ حكم الله ، الذي أوجبه الشرع الإسلامي ، وهو
القصاص ، أحتج ذوي المقتول على ذلك ، بحجة أن قتيلهم هو حر أبيض ، وأن
مرتكب جريمة القتل ، على حد زعمهم ، هو عبد أسود ،وقد طلبوا غير حكم الله
، مستندين في ذلك إلى الآية الكريمة : ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاص فِي الْقَتْلَى الْحُرّ بِالْحُرِّ
وَالْعَبْد بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) ( 47 ) .
وقد أثرت تلك القضية ، وخصوصاً الآية الكريمة ،على نفسيات الكثيرين ،سواءا
على ذوي القاتل ، الذين رضخوا لطلب ذوي الدم ، بل وصل ذلك التأثير إلى
المحيطين بهم في المجتمع ،فضلاً عن إثارة تلك القضية ، نوعاً من اللغط
الفقهي في وسط القضاء. ولكن القضاء أبا إلا أن ينفذ حكم الله ،وما أمرت به
الشريعة الإسلامية .
وعندما أعاد القضاء النظر ، وحقق في أحداث وملابسات القضية وبنوع من
التمييز ، وذلك بالرجوع إلى أدق التفاصيل، اتضح أن المقتول الأبيض أصله
مولى ، من أحفاد العبيد العتقاء من ذوي البشرة البيضاء ،الموالي العتقاء ،
من بلاد الشرق ، الذين جلبهم الفاتحون معهم إلى الجزيرة العربية ، وأن من
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مفهوم الرق والعبيد والجواري .. كيف عرفه الرسول ص وأصحابه قبل 1433هـ وكيف حرفه المسلمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أنشودة " اعز النبى وأصحابه " من مقاطع قناة صفا
» مفهوم : ( المجموعة الشمسية )
» مفهوم شبكة الكمبيوتر
»  * * * * * * * ماذا تعرف عن الدنكل وكيف يقوم بفك الشفرات
»  آيات متشابهات الألفاظ في القرآن الكريم وكيف التمييز بينها5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: وولد وايد العامة :: منتدى الواحة-
انتقل الى: